الاقتصادية

الصين والذهب: احتياطيات خفية أم استراتيجية لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي؟

تواصل الصين تعزيز مخزونها من الذهب بوتيرة هادئة ومتواصلة، في خطوة تهدف إلى تنويع أصولها بعيدًا عن الدولار الأمريكي، ما أثار تساؤلات واسعة لدى المستثمرين حول حجم مشترياتها الفعلية ومدى صحة الأرقام الرسمية.

وفقًا لمجلس الذهب العالمي، ارتفعت احتياطيات بكين من الذهب بمقدار 0.9 طن خلال أكتوبر الماضي، مسجلة استمرارية مشتريات بنك الشعب الصيني للشهر الثاني عشر على التوالي، ليصل الإجمالي إلى 2304.5 طن، بزيادة قدرها 24 طنًا مقارنة بنهاية 2024.

و على الرغم من هذا النمو، ظلت المشتريات المعلنة ضعيفة خلال أشهر العام، إذ أضاف البنك المركزي الصيني 2.2 طن في يونيو، و1.9 طن في يوليو، و1.9 طن في أغسطس، وهو ما دفع المحللين إلى التشكيك في دقة البيانات الرسمية.

و استنادًا إلى بيانات تجارية، يشير محللو “سوسيتيه جنرال” إلى أن مشتريات بنك الشعب الصيني قد تصل إلى 250 طنًا خلال العام الجاري، أي نحو ثلث إجمالي طلب البنوك المركزية على الذهب عالميًا. أما “جولدمان ساكس” فيقدّر مشتريات سبتمبر بنحو 15 طنًا، رغم إعلان الصين عن شراء 1.24 طن فقط.

ويرى خبراء مثل بروس إيكيميزو، مدير جمعية سوق السبائك اليابانية، أن احتياطيات الصين الفعلية تتجاوز 5000 طن، أي ضعف الرقم المعلن، فيما يقدر بنك “إيه إن زد” الاحتياطيات بنحو 5500 طن، ما يجعل الصين تتربع على المركز الثاني عالميًا بعد الولايات المتحدة، متجاوزة ألمانيا التي تمتلك نحو 3350 طنًا.

China's Shadow Gold Buying Campaign: Market Impact

يعتقد محللون أن مشتريات الصين، المعلنة وغير المعلنة، كانت أحد الأسباب الأساسية وراء ارتفاع أسعار الذهب خلال السنوات الثلاث الماضية، بما فيها الزيادة بنسبة 54% منذ بداية العام.

ويشير “جيف كوري”، محلل لدى شركة “كارلايل”، إلى أن تتبع واردات الذهب أمر صعب للغاية مقارنة بسلع مثل النفط، ما يزيد الغموض حول الاحتياطيات الفعلية.

يرى الخبراء أن بكين تركز على الذهب لتقليل اعتمادها على الدولار، بينما تقول نيكي شيلز من “إم كي إس بامب” السويسرية إن الصين تقلل من الإعلان عن مشترياتها لتجنب توترات إضافية مع الولايات المتحدة، وربما تستعد لاحتمال صدام واسع النطاق مع الغرب.

وسط هذه الأرقام المتباينة والشكوك المستمرة، يظل الذهب محور استراتيجية الصين لتنويع الأصول، ويظل الحجم الحقيقي للاحتياطيات لغزًا يثير قلق الأسواق العالمية، ويبقى التساؤل قائمًا: هل تستعد الصين لمرحلة جديدة من الهيمنة الاقتصادية؟

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى