المدى المالي.. البوصلة الحقيقية لبقاء الشركات الصغيرة

في عالم ريادة الأعمال، يعيش كثير من أصحاب الشركات الصغيرة على حافة الخطر المالي، يسيرون في طريق محفوف بالمخاطر دون أن يدركوا حجم التحديات.
كل شهر، تجدهم يكافحون لتغطية النفقات، يلاحقون الفواتير واحدًا تلو الآخر، على أمل وصول الإيرادات أو التمويل في الوقت المناسب قبل نفاد السيولة.
يقودون شركاتهم كما لو كانوا في عاصفة، دون الانتباه لأهم مؤشر على لوحة القيادة المالية: “المدى المالي”.
هذا المؤشر هو ما يحدد كم من الوقت تستطيع شركتك الاستمرار قبل أن تنفد الأموال وتتوقف العمليات. فهمه وإدارته بشكل صحيح يمكن أن يكون الفرق بين الاستمرار والانهيار المفاجئ.

المدى المالي هو عدد الأشهر التي يمكن للشركة أن تستمر فيها بالعمل وفق الوضع الحالي للإيرادات والنفقات. يمكن تشبيه حسابك البنكي بخزان وقود الطائرة؛ المدى المالي يحدد المسافة التي يمكن أن تقطعها قبل أن تتوقف الشركة عن العمل.
طريقة الحساب بسيطة جدًا:
المدى المالي = احتياطيات النقد ÷ معدل الإنفاق الشهري
-
احتياطيات النقد: كل الأموال المتاحة في حساباتك البنكية أو مصادر التمويل قصيرة الأجل.
-
معدل الإنفاق الشهري: متوسط النفقات الشهرية مطروحًا منه متوسط الإيرادات الشهرية.
مثال توضيحي:
إذا كانت النفقات 25,000 ريال والإيرادات 15,000 ريال، فإن معدل الإنفاق الشهري هو 10,000 ريال. وبما أن لديك 50,000 ريال في البنك، فإن المدى المالي = 50,000 ÷ 10,000 = 5 أشهر. أي أمامك 5 أشهر فقط لتعديل المسار قبل الحاجة لإيجاد مصادر تمويل جديدة أو تحقيق الأرباح.
لفهم المدى المالي بدقة، يجب تصنيف النفقات:
-
التكاليف الثابتة (الإيجارات، الرواتب، الاشتراكات) تعمل كمرساة، قد تغرق الشركة إذا انخفضت الإيرادات.
-
التكاليف المتغيرة (المواد الخام، المشاريع المؤقتة) تسمح بالمرونة والتكيف مع التغيرات.
القاعدة الذهبية: حاول أن تجعل 30% على الأقل من نفقاتك متغيرة لتمنح شركتك هامشًا للتحرك في أوقات الأزمات.
في بيئة اقتصادية غير مستقرة، الشركات التي تعرف مدى صمودها المالي وتديره بذكاء هي التي تستطيع النجاة والازدهار. النقد هو الوقود الحقيقي للاستمرار، والنمو بدون إدارة مالية سليمة قد يكون خطرًا.
معرفة المدى المالي يمنحك القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية بثقة، سواء كانت توظيف موظفين، تعديل خطط الشركة، أو رفض صفقات غير مناسبة.
كيف تحسن مداك المالي؟
-
زيادة الإيرادات: تسريع تحصيل المستحقات، تطوير منتجات جديدة، أو استهداف أسواق إضافية.
-
خفض التكاليف: إعادة التفاوض مع الموردين، تحسين الكفاءة التشغيلية، أو تحويل بعض التكاليف الثابتة إلى متغيرة.
- تأمين التمويل: البحث عن تمويل استباقي قبل نفاد السيولة لضمان استمرارية العمليات.
باختصار، من يدرك مداه المالي يتحكم بمصيره، ومن يغفل عنه يقود شركته نحو المخاطر دون وعي. ابدأ اليوم بحساب مداك المالي واتخذ الخطوات اللازمة لتمنح شركتك حياة أطول وفرص نجاح أكبر.
– إذا كان طول المدى المالي الحالي يسبب لك القلق، فلا داعي للذعر. حان وقت اتخاذ إجراءات استراتيجية لتمديده:
|
استراتيجيات ذكية لتمديد المدى المالي |
|
|
1- تخفيض التكاليف الثابتة |
– هذه هي أسرع طريقة؛ قم بمراجعة كل اشتراكاتك، وتفاوض على عقود الإيجار مع الموردين، وفكر في تحويل بعض الموظفين من رواتب ثابتة إلى نظام العمل الحر. – تذكر أن كل دولار توفره من التكاليف الثابتة هو وقود إضافي في خزانك. |
|
2- زيادة الإيرادات |
– حوّل عملاءك إلى عقود شهرية ثابتة (Retainer) أو قدم خصومات للدفعات المقدمة. – فالإيرادات المتكررة والمستقرة ليست مجرد مهدئ للأعصاب، بل هي أساس التخطيط المالي السليم. |
|
3- فن إدارة الدفعات |
– تفاوض مع مورديك لتمديد فترات السداد من 10 أيام إلى 30 يومًا. فهذا الأمر من شأنه أن يمنحك مساحة لالتقاط الأنفاس ويُبقي النقد في حوزتك لفترة أطول دون الإضرار بعلاقاتك التجارية. |
|
4- الحصول على “دعم” مؤقت |
– لا تتردد في استكشاف حلول رأس المال قصيرة الأجل، مثل خط ائتمان أو قرض مؤقت. – إذا كنت واثقًا من مسار شركتك ولكنك تحتاج إلى جسر للعبور، فإن هذا الدعم يمكن أن يحافظ على زخمك. |
|
5- التركيز على الكفاءة |
– ضاعف استثماراتك في القنوات التي تحقق لك أعلى عائد، وتوقف فورًا عن إهدار الوقت والمال في الأنشطة التي لا تأتي بنتائج. الكفاءة هي مفتاح البقاء في الأوقات الصعبة. |




