الاقتصادية

ستيف هوفمان… من مؤسس متردد إلى ملياردير يقود «ريديت» إلى عصر جديد

لم يكن صعود ستيف هوفمان إلى قائمة المليارديرات نتيجة ضربة حظ، بل حصيلة رحلة معقدة امتدت لعقدين، شهدت صعوداً وهبوطاً كاد يطيح بالمنصة التي ابتكرها بموارد بسيطة عام 2005.

وبينما كان يُنظر إلى «ريديت» طويلاً كمنصة فوضوية يصعب تحويلها إلى مشروع ربحي مستدام، جاء التحول الأخير ليغير الصورة تماماً، مدفوعاً بقيادة هوفمان ورؤيته التي أعادت رسم مستقبل الشركة.

هذا التحول ظهر بوضوح مع إعلان «ريديت» عن صافي أرباح بلغ 163 مليون دولار، لتسجل خامس ربع سنوي على التوالي من النمو، وهو ما اعتبره محللون أكبر دليل على أن المنصة دخلت أخيراً مرحلة النضج المالي بعد سنوات من العجز والتقلبات.

وفي مكالمة مناقشة النتائج، عبّر هوفمان عن ثقته في المسار الجديد قائلاً: «الربع الثالث كان استثنائياً. نحن منصة صُممت للناس وبالناس»، في إشارة واضحة إلى تميّز «ريديت» بمحتواها البشري، في وقت تتزايد فيه الشكاوى من تدهور جودة المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي.

وأضاف: «لسنا في سباق لنصبح الشيء الكبير القادم، بل نركز على تقديم نسخة أفضل من أنفسنا، لأن الإنترنت اليوم بحاجة ماسة إلى محتوى حقيقي تكتبه أيدٍ بشرية».

ورغم أن «ريديت» باتت الآن من بين أكثر المواقع زيارة في العالم، فإن هوفمان لم يستفد من نجاحها مبكراً. فقد باع حصته عام 2006 مقابل 10 ملايين دولار فقط لشركة «كوندي ناست»، قبل أن ترتفع قيمة المنصة لاحقاً إلى مئات الملايين.

وبعد تسع سنوات، عاد هوفمان إلى واجهة القيادة عام 2015 لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في وقت كانت المنصة تمر بأزمة داخلية حادة، وتواجه خسائر مالية واحتجاجات غير مسبوقة من المشرفين.

وعند عودته، حصل على حزمة تعويضات مرتبطة بالأداء، مكّنته من تجميع 3.1 ملايين سهم (2.3% من أسهم الشركة)، إلى جانب استثمارات نقدية وصلت إلى نحو 190 مليون دولار.

كانت أولى مهام هوفمان بعد عودته وقف الفوضى التي أصبحت عنواناً للمنصة. فقد كانت سياسة «اللامراقبة» تتيح انتشار جماعات متطرفة ومحتوى عنيف، ما تسبب في نفور المعلنين وإضعاف سمعة الشركة.

وبدأت عملية الإصلاح بإقرار سياسة محتوى جديدة تحظر خطابات الكراهية والمحتوى غير القانوني، إضافة إلى إغلاق المئات من المجتمعات المثيرة للجدل. كما أطلق هوفمان نظام “العزل – Quarantine” الذي يقيّد انتشار المحتوى المثير للنزاعات، وهو ما كان خطوة محورية لاستعادة ثقة المعلنين.

اعتمدت «ريديت» تحت قيادة هوفمان نموذج إعلانات قائم على الاستهداف السياقي، لا على تتبع المستخدمين، ما حافظ على خصوصيتهم وأمن لهم بيئة أقل تجسساً مقارنة بالمنصات الأخرى.

هذا النموذج أثبت نجاحه بعد أن سجلت الإعلانات 549 مليون دولار من إجمالي أرباح الربع الأخير، لتشكل 94% من الإيرادات الإجمالية للشركة.

مع توسع استخدام الذكاء الاصطناعي، أصبحت بيانات «ريديت» هدفاً أساسياً لشركات التكنولوجيا الكبرى. وبعد سنوات من إتاحتها مجاناً، قررت الشركة عام 2023 فرض رسوم على استخدام واجهة برمجة التطبيقات API، كما رفعت دعاوى قضائية ضد شركات مثل «Perplexity» بتهمة جمع بياناتها بشكل غير قانوني.

في المقابل، وقّع هوفمان اتفاقيات ترخيص مع «غوغل» و«أوبن إيه آي» بقيمة إجمالية تجاوزت 130 مليون دولار، لتصبح «ريديت» أحد المصادر الرئيسية لتغذية نماذج اللغة الكبرى بمحتوى بشري عالي الجودة.

ويرى خبراء أن قيمة هذه البيانات تفوق بكثير أسعار الاتفاقيات الحالية، ما يمنح الشركة مساحة واسعة لعقد صفقات أكبر في المستقبل.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى