اقتصاد المغربالأخبارالأسهمبورصة الدار البيضاء

هل يشكل الاستقرار النسبي لبورصة الدار البيضاء نموذجًا للأسواق الناشئة؟

شهدت الأسواق المالية العالمية خلال الأسابيع الماضية حالة من التوتر غير المسبوق، حيث لم تصل إلى مستوى الانهيار، لكنها أثرت بوضوح على نبرة التداولات وثقة المستثمرين.

وعكست التحركات الأخيرة في الأسواق الأمريكية، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والعملات الرقمية، مخاوف المستثمرين من استمرار النمو المرتفع لشركات الذكاء الاصطناعي واحتمالات تباطؤ الاقتصاد العالمي.

في جلسة 20 نوفمبر، شهدت وول ستريت تقلبات حادة، مع انخفاض مؤشر ناسداك بأكثر من 2% وتراجع S&P 500، فيما تكبدت أسهم شركات أشباه الموصلات خسائر أكبر، ما أبرز هشاشة القطاعات التقنية الثقيلة التي لطالما كانت المحرك الرئيسي للأسواق.

ورغم إعلان شركات مثل انفيديا عن ارتفاع الإيرادات بنسبة 62% مقارنة بالعام الماضي، شهد سهمها تقلبات سريعة خلال اليوم نفسه، مما يعكس حالة الحذر التي تبناها المستثمرون.

هذه الاضطرابات العالمية لم تقتصر آثارها على الأسواق الأمريكية، بل امتدت إلى الأسواق الناشئة، بما فيها المغرب. إذ يمكن لتقلبات الأسواق الكبرى أن تؤثر على تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية، وتغير استراتيجيات المحافظ الاستثمارية، ما يعكس حساسيات المستثمرين تجاه المخاطر العالمية.

في المقابل، أظهرت بورصة الدار البيضاء مستوى من الاستقرار النسبي مقارنة بالمؤشرات العالمية، مدعومة بتنوع القطاع الاقتصادي المحلي وصلابة الأسس المالية.

ويظل العامل النفسي للمستثمرين مفتاحًا مهمًا، إذ غالبًا ما يدفع القلق في الأسواق الكبرى إلى إعادة توازن المحافظ، مع تخفيض التعرض للأسواق الناشئة بحثًا عن استثمارات أكثر أمانًا.

كما تؤثر تقلبات الأسواق العالمية على التجارة وأسعار العملات، إذ قد يضعف التوتر المالي الطلب على السلع الأساسية ويزيد تكلفة الواردات، ما يضيف ضغوطًا على الاقتصاد الوطني ويستدعي متابعة دقيقة من صانعي السياسات والمستثمرين على حد سواء.

ويحذر الخبراء من أن موجة الحماس الحالية في قطاعات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الناشئة قد تواجه تصحيحات محتملة، مما يجعل المستثمرين أكثر حساسية لأي تباطؤ في الأداء أو أي مؤشر على تراجع الثقة. وبالنسبة للمغرب، التحدي يكمن في امتصاص الصدمات الخارجية، والحفاظ على استقرار السوق، وتعزيز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في الاقتصاد الوطني.

مع استمرار تقلبات الأسواق العالمية، يبقى السؤال مطروحًا: هل هذه التحركات مجرد تراجع مؤقت أم بداية إعادة تقييم أوسع للأسواق؟ المغرب، بفضل مرونته الاقتصادية واستقرار بورصته، يبدو مؤهلاً لمواجهة هذه التحديات، لكن الانتباه والحذر سيظلان العامل الأهم خلال الأشهر المقبلة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى