محكمة تلزم بنكًا بتعويض زبون لرفضه الإيداع باستخدام نسخة البطاقة المصادق عليها

قضت محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء بقرار يؤكد على حقوق زبناء البنوك ويضع حداً لـ “تعسف” بعض الوكالات في تطبيق إجراءات غير منصوص عليها قانونياً.
وألزمت المحكمة بنكاً مغربياً بأداء تعويض مالي لفائدة أحد زبائنه، بعد أن رفض موظف تابع للبنك إنجاز عملية إيداع مالي في حساب الزبون، مبرراً رفضه بضرورة الإدلاء بأصل البطاقة الوطنية، ومكتفياً بنسخة مصادق عليها.
تعود فصول القضية إلى سنة 2018، حين توجه الزبون إلى إحدى وكالات البنك بالعاصمة الرباط بهدف إيداع مبلغ مالي قدره 21.500 درهم في حسابه.
وكان الهدف من العملية هو تغطية أقساط قرض بنكي مستحقة. إلا أن مستخدم الوكالة رفض إتمام عملية الإيداع بدعوى وجوب تقديم أصل البطاقة الوطنية، رافضاً الاعتماد على النسخة المصدق عليها من البطاقة أو حتى وثائق إثبات الهوية الرسمية الأخرى التي أدلى بها الزبون، مثل جواز السفر أو رخصة السياقة.
بعد هذا الرفض، اضطر الزبون إلى الاستعانة بمفوض قضائي لإثبات الواقعة بشكل رسمي. المفارقة كانت في تمكن الزبون من إنجاز نفس عملية الإيداع بنجاح ودون أي عراقيل في وكالة أخرى لنفس البنك، ما دفعه إلى تحريك دعوى قضائية.
و في المرحلة الابتدائية، حكمت المحكمة التجارية بالرباط لفائدة الزبون، وقضت بتعويض قدره 9000 درهم. واعتبرت المحكمة أن سلوك البنك يشكل إخلالاً بالتزاماته التعاقدية و “مسّاً بالعلاقة القائمة على الثقة مع زبنائه”.
أمام محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، حاول البنك تبرير موقفه بالتشديد على الأعراف البنكية التي تلزم بالتحقق الصارم من هوية الزبائن، غير أن المحكمة رفضت هذه الدفوع.
وجاء منطوق القرار الاستئنافي ليؤكد أن العملية موضوع النزاع لا تتعلق بفتح حساب أو سحب أموال، بل بمجرد إيداع في حساب قائم ومملوك لصاحب الهوية. واعتبرت المحكمة أن رفض اعتماد نسخة طبق الأصل من البطاقة أو وثائق رسمية أخرى يشكل “خطأ مهنياً يرتب مسؤولية البنك”.
واستندت محكمة الاستئناف في قرارها إلى الفصل 440 من قانون الالتزامات والعقود، مؤكدة أن النسخ المصدّق عليها من الوثائق الرسمية لها نفس القوة القانونية للأصل. وبذلك، اعتبرت المحكمة امتناع الموظف عن تنفيذ العملية “تعسفاً في استعمال الحق وإخلالاً بالتزامات المؤسسة تجاه زبنائها”.
وفي ختام المسار القضائي، أيدت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي بكافة مقتضياته، محمّلة البنك كافة الصوائر. ويُعتبر هذا القرار سابقة قضائية مهمة من شأنها أن تعزز حقوق زبناء البنوك وتشكل مرجعاً قضائياً للحد من الإجراءات البيروقراطية غير المنصوص عليها قانوناً في المعاملات البنكية.




