اقتراح برلماني لتقنين العمل عن بعد وحماية الأجراء من هشاشة العقود المحددة المدة

في خطوة تهدف إلى تحديث المنظومة التشريعية للشغل وملاءمتها مع التطورات الاقتصادية والرقمية، تقدم الفريق الحركي بمجلس النواب بمقترحَيْ قانون لتتميم مدونة الشغل، يركزان على سد الفراغ القانوني المتعلق بـ “العمل عن بعد” ووضع قيود صارمة على “العقود محددة المدة” (CDD) في مسعى لضمان استقرار الأجراء.
أبرز المقترح الأول ضرورة تقنين “العمل عن بعد” الذي فرضته التحولات الرقمية وتسارعت وتيرة اعتماده إبان جائحة كوفيد-19.
وأشار المقترح إلى أن هذا النمط من التشغيل أثبت “نجاعته في ضمان استمرارية النشاط الاقتصادي” و”توفير المرونة”، لكن “مدونة الشغل المغربية لسنة 2003 لم تتطرق بشكل صريح لتنظيمه”، مما خلق إشكاليات عملية وقانونية.
ويسعى المقترح لتحديد أطر قانونية واضحة تنظم حقوق وواجبات كل من الأجير والمشغل في هذا السياق، بالإضافة إلى تنظيم علاقة الأجراء بالمنصات الرقمية لضمان حقوقهم الاجتماعية والمالية.
ووفقاً للمادة 13 مكرر المقترحة، يُسمح بـ “العمل عن بعد” بموجب “اتفاقية مكتوبة” تحدد ساعات العمل والتعويضات والضمان الاجتماعي. ويُلزم النص المشغل بـ “توفير الوسائل التقنية الضرورية لضمان أداء الأجير لمهامه عن بعد بشكل آمن وفعال”.
كما شدد المقترح على أن عقود العمل مع المنصات الرقمية تخضع لـ “الشروط العامة لمدونة الشغل”، بما يشمل الحق في الحد الأدنى للأجور والتأمينات الاجتماعية وساعات العمل القانونية، وذلك “لضمان حماية الأجراء من الاستغلال”.
ويجيز النص للأجير العامل عن بعد أو عبر المنصات الرقمية المطالبة بحقوقه أمام مفتشي الشغل والمحاكم المختصة.
بالموازاة، جاء المقترح الثاني لمعالجة ما اعتبره “الفريق الحركي” سبباً رئيسياً لـ “الهشاشة في سوق الشغل”، وهو التجديد المتكرر لـ “العقود محددة المدة” (CDD) لسنوات طويلة، ما يفرغ “مبدأ الاستقرار المهني من مضمونه”.
ويهدف المقترح إلى “تعزيز حماية الأجراء” عبر تقنين “أكثر صرامة” للعقود محددة المدة، من خلال وضع “آجال قصوى لتجديدها”، و”تحويلها تلقائياً إلى عقود غير محددة المدة في حالة التحايل أو التجاوز”. كما تضمن المقترح “عقوبات زجرية” في حق المشغلين المخالفين.
ومن أبرز التغييرات التي دعا إليها المقترح بخصوص المادة 16 من المدونة، إبرام عقد الشغل محدد المدة في “حالات استثنائية فقط” مرتبطة بـ “طبيعة العمل أو ظروفه أو غايته”. والأهم، “لا يجوز تجديد العقد المحدد المدة أكثر من مرة واحدة، على ألا تتجاوز مدته الإجمالية سنتين”.
ويعتبر العقد تلقائياً “غير محدد المدة” في حال تجاوزه هذه المدة أو استمرار الأجير في عمله دون عقد جديد. وفي إجراء تصعيدي، طالب المقترح بنسخ المادة 33 وتعويضها بنص يضمن للأجير المرتبط بعقد محدد المدة، في حالة الفصل لـ “خطأ جسيم أو قوة قاهرة”، “نفس الحقوق المخولة للأجير المرتبط بعقد غير محدد المدة في ما يخص التعويضات”.
وفي مادة مضافة (المادة 16 المكرر)، نص المقترح على أنه في حالة لجوء المشغل إلى العقود محددة المدة خارج الحالات المسموح بها، “تعتبر هذه العقود تلقائياً عقوداً غير محددة المدة”، مع إقرار غرامة مالية تتراوح بين 20 و50 ألف درهم على المشغل المخالف.
وتنتظر هذه المقترحات النقاش والمصادقة داخل قبة البرلمان، حيث تمثل محاولة تشريعية جادة لمواكبة التغيرات في سوق العمل وضمان التوازن بين مرونة الاقتصاد واستقرار حقوق العمال.




