الاقتصادية

الفضة تتألق..عام تاريخي للمعدن الأبيض بين الاستثمار والصناعة

في عام شهد تقلبات حادة في أسواق المعادن الثمينة، خطفت الفضة الأضواء من الذهب، لتصبح المفاجأة الساطعة للمستثمرين. فقد تجاوزت مكاسب الفضة 78% منذ بداية 2025، مسجلة أسعارًا فورية غير مسبوقة عند 53.55 دولار للأوقية، بينما شهد الذهب بدوره ارتفاعًا وصل إلى 58%.

أظهرت بيانات رابطة سوق السبائك في لندن (LBMA) تراجع مخزونات الفضة بنحو الثلث منذ منتصف 2021، نتيجة تجاوز الطلب العالمي حجم الإنتاج أربع سنوات متتالية. هذا النقص أسفر عن أزمة سيولة غير مسبوقة، دفعت الأسعار للصعود بشكل حاد.

أدى نقص الإمدادات إلى اتساع الفارق بين الأسعار الفورية في لندن والعقود الآجلة في بورصة نيويورك، حيث سجلت العلاوة السعرية أكثر من 2.5 دولار للأوقية، مقارنة ببضعة سنتات عادةً. بعض التجار استغلوا هذه الفجوة عبر نقل السبائك جويًا بين نيويورك ولندن لتحقيق أرباح سريعة.

ساهم التوسع في الصناعات الخضراء والطاقة المتجددة في تعزيز الطلب على الفضة المستخدمة في الألواح الشمسية والرقائق الإلكترونية والسيارات الكهربائية. وفي المقابل، بقي الإنتاج محدودًا بسبب ضعف الاستثمارات ونقص إمدادات المناجم.

شهدت الصناديق المتداولة عالميًا للفضة موجة شراء غير مسبوقة خلال النصف الأول من 2025، إذ أضافت نحو 95 مليون أوقية إلى حيازتها، متجاوزة إجمالي التدفقات السنوية السابقة.

تضاعفت واردات الهند من الفضة هذا العام، مع سعي صائغي المجوهرات لتجديد مخزوناتهم وسط ارتفاع الأسعار، حتى وصل سعر السبائك هناك إلى علاوات تصل إلى 10% فوق الأسعار العالمية.

يتوقع “بنك أوف أمريكا” أن يصل سعر الفضة إلى 65 دولارًا للأوقية بحلول 2026، مدعومًا بالعجز المستمر بين الإنتاج والاستهلاك، بالإضافة إلى انخفاض الفائدة الأمريكية التي تزيد جاذبية المعادن الثمينة. من جانبه، أبدى “روبرت كيوسكاي” مؤلف كتاب “الأب الغني والأب الفقير” تفاؤله، متوقعًا وصول السعر إلى 75 دولارًا للأوقية، معتبراً الفضة خيارًا استثماريًا جذابًا.

الصعود القياسي للفضة هذا العام لا يعكس مجرد تقلبات قصيرة الأمد، بل يشير إلى تحول هيكلي في خريطة الطلب العالمي على المعادن النفيسة. فقد حافظ الذهب على مكانته كملاذ آمن تقليدي، بينما برزت الفضة كمعدن يجمع بين الأمان الاستثماري والاستخدام الصناعي، ما يجعلها المعدن المزدوج القيمة بين الاستثمار والصناعة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى