الذهب مقابل النفط: مؤشر غير مسبوق يعكس اضطرابات الاقتصاد العالمي

على مدى عقود، شكلت العلاقة بين الذهب النفيس والنفط الخام مؤشرًا مهمًا لصحة الاقتصاد العالمي، من خلال ما يعرف بـ”نسبة الذهب إلى النفط”، التي تعكس عدد براميل النفط اللازمة لشراء أونصة واحدة من الذهب.
هذه النسبة لا تعكس مجرد أسعار السلع، بل تكشف عن فترات عدم التوازن في الأسواق، وغالبًا ما تنذر بتحولات اقتصادية كبيرة.
يتم حساب النسبة بقسمة سعر أونصة الذهب على سعر خام غرب تكساس الوسيط (نايمكس). ارتفاع النسبة يعني أن الذهب أغلى نسبيًا مقارنة بالنفط، ويشير غالبًا إلى حالة من عدم اليقين الاقتصادي، حيث يزداد الطلب على الذهب كملاذ آمن، بينما انخفاض النسبة يدل على قوة نسبية للنفط.
شهد الذهب خلال هذا العام مكاسب قوية، متجاوزًا مستويات قياسية متتالية تتخطى 4000 دولار للأونصة، مدعومًا بمشتريات البنوك المركزية والاضطرابات الجيوسياسية والتجارية.
و على الجانب الآخر، تراجعت أسعار النفط بفعل انخفاض الطلب ووفرة المعروض، ما دفع النسبة للصعود إلى مستويات تاريخية.
تتأثر أسعار النفط أساسًا بالعرض والطلب، حيث تميل للارتفاع مع زيادة الإنتاج الصناعي والاستهلاك، وتلقى دعمًا إضافيًا خلال فترات التضخم. أما الذهب، فهو أداة تحوط رئيسية ضد المخاطر الاقتصادية، ويستفيد من الفترات التي يشهد فيها الاقتصاد ركودًا أو توترات سياسية وتجارية.
لم تكن نسبة الذهب إلى النفط ثابتة عبر الزمن؛ ففي خمسينيات وستينيات القرن الماضي تراوحت بين 11 و13 برميلًا لكل أونصة ذهب. بين 2000 و2008، مع ارتفاع أسعار النفط، انخفضت النسبة إلى نحو 6 براميل فقط لكل أونصة.
أما اليوم، ومع أسعار الذهب التي بلغت 4000.40 دولار للأونصة وسعر خام غرب تكساس عند 58.90 دولار للبرميل، فإن النسبة ترتفع إلى حوالي 68 برميلًا للأونصة، أي أعلى بكثير من المتوسط التاريخي، مما يعكس حالة من عدم اليقين الاقتصادي غير المسبوقة.
تاريخيًا .. نسبة الذهب إلى النفط في كل عقد سنوي منذ عام 1946 |
|
التاريخ |
نسبة الذهب إلى النفط |
1946 |
29.91 |
1950 |
13.62 |
1960 |
11.89 |
1970 |
10.91 |
1980 |
20.86 |
1990 |
18.10 |
2000 |
10.29 |
2010 |
14.8 |
2020 |
30.66 |
2024 |
26.8 |
الأسبوع المنتهي في العاشر من أكتوبر 2025 |
يؤكد “مايكل هارتنت”، كبير الاستراتيجيين لدى بنك أوف أمريكا، أن شراء أونصة واحدة من الذهب كان يتطلب 15 برميلًا فقط من النفط حتى يونيو 2022، بينما تجاوز العدد حاليًا 60 برميلًا، وهو فرق استثنائي في تاريخ الأسواق.
شهدت النسبة ذروتها خلال جائحة “كوفيد-19” عام 2020، عندما ارتفعت إلى 91.1 برميلًا للأونصة، في ظل ارتفاع الذهب وتراجع الطلب على النفط بسبب الإغلاقات العالمية. هذا المثال يوضح كيف يمكن أن تعكس النسبة تغيرات الاقتصاد الكلية والتوترات العالمية.
و تظل العلاقة بين الذهب والنفط متقلبة وغير مستقرة. ففي أوقات الأزمات، ينجذب المستثمرون نحو الذهب كملاذ آمن، بينما تتأثر أسعار النفط بشكل مباشر بعرضه وطلبه والنمو الاقتصادي.
ومع استمرار الذهب في تسجيل مستويات قياسية، يبقى السؤال: هل ستستمر نسبة الذهب إلى النفط في الصعود، أم ستشهد الأسواق تصحيحًا قريبًا؟