اقتصاد المغربالأخبار

تلاعبات ضريبية تسقط 150 مقاولة و 40 في المائة من حالات الإفلاس

في ضربة موجعة لمصداقية مناخ الأعمال، أطلقت تقارير رسمية قنبلة مدوية في الساحة الاقتصادية بالمغرب، كاشفة عن فوضى مالية مزدوجة وممنهجة. هذه التقارير أكدت وجود شبكة معقدة يلتقي فيها الابتزاز الإداري في المؤسسات العمومية بالمناورات الجبائية للشركات الكبرى.

المشهد الاقتصادي الآن في حالة استنفار قصوى، فالخروقات في تسوية الفواتير وتعاظم ملفات التهرب الضريبي لا ترسم مجرد صورة قاتمة، بل تدفع بعشرات المقاولات الصغيرة نحو حافة الإفلاس وتهدد استقرار الاقتصاد الوطني.

مصادر مطلعة أكدت أن المفتشية العامة للمالية (IGF) دخلت على خط الأزمة بشكل مباشر، وذلك على خلفية شكاوى متزايدة من مقاولات صغيرة وصغيرة جداً (TPE/PME) تعرضت لتأخير متعمد وممنهج في صرف مستحقاتها من المؤسسات العمومية.

وقد فجّرت شهادات المقاولين ما هو أخطر من مجرد تأخير بيروقراطي؛ إذ تحدثوا عن ممارسات ابتزازية تتمثل في المطالبة بعمولات غير قانونية مقابل “تسريع” عملية تسوية الفواتير. في المقابل، يواجه الرافضون للدفع عراقيل شكلية وقانونية تهدف إلى خنقهم مالياً.

ولعل الكارثة الحقيقية تكمن في النتائج المباشرة لهذا الابتزاز؛ فقد أفضت هذه الممارسات إلى انهيار فعلي لبعض المقاولات وعجزها عن الإيفاء بالتزاماتها.

وفي المقابل، تحوّل موظفون في مصالح الأداء إلى “وسطاء ابتزاز” يراكمون ثروات مشبوهة وعقارات وسيارات فارهة، لا تتناسب أبداً مع أجورهم المعلنة.

تؤكد دراسة لشركة “أنفو ريسك” هذه المخاوف، حيث تشير إلى أن 40% من حالات الإفلاس المسجلة في المغرب تعود إلى تأخر صرف مستحقات الصفقات العمومية.

وضعٌ لا يهدد النسيج المقاولاتي فحسب، بل يزيد من تشديد البنوك في منح القروض، ما يعمق الأزمة في قطاعات حيوية كالإنشاءات والنقل والتجارة.

و على الجانب الآخر من الفوضى المالية، استنفرت المديرية العامة للضرائب (DGI) أجهزتها الجهوية لتوسيع نطاق الافتحاص والتدقيق بعد الاشتباه في تلاعبات جبائية تورطت فيها أكثر من 150 مقاولة كبرى.

هذه الشركات دأبت على التصريح بعجز مالي متتالٍ أو بأرباح “ضعيفة” لسنوات، في تناقض صارخ مع نمط العيش الفاحش لمسيريها، الذي يكشف عن اقتناء عقارات وسيارات فاخرة واستثمارات في الداخل والخارج.

الأمثلة صارخة ومثيرة للجدل؛ ففي الدار البيضاء، صرّح مسير شركة نسيج بعجز دائم لأربع سنوات، بينما اقتنى فيلا فاخرة ومزرعة بملايين الدراهم. وفي طنجة، رُصدت حالة لمسير شركة مستحضرات تجميل اقتنى سكناً ثانوياً في إسبانيا وضيعة فلاحية.

رغم أن القانون الضريبي المغربي، خاصة المادة 232 من المدونة العامة للضرائب، يمنح الإدارة سلطة مراجعة حسابات الشركات لما يصل إلى عشر سنوات سابقة إذا ثبتت عدم صدقية التصريحات، إلا أن بعض المقاولات تلجأ إلى مكاتب محاسبة متخصصة في “توضيب” البيانات لتبدو وكأنها في وضع مالي صعب، في محاولة لإضلال مصالح المراقبة.

إن هذه الاختلالات المزدوجة تضرب في الصميم ثقة المستثمرين في نزاهة الإدارة وحيادية المنافسة، وتضع المغرب أمام تحديات جسيمة تتعلق بـالشفافية وحكامة المالية العمومية.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى