اقتصاد المغربالأخبار

المغرب يبرز كلاعب استراتيجي في إعادة رسم سلاسل القيمة العالمية

تشهد سلاسل القيمة العالمية تحولات عميقة منذ التسعينيات، حيث انتقلت مراكز الإنتاج من الدول المتقدمة إلى آسيا للاستفادة من تكاليف العمالة المنخفضة، قبل أن تدخل اليوم مرحلة إعادة التوطين التي تهدف إلى تقليل المخاطر الاقتصادية وتحقيق استقرار أكبر في سلاسل التوريد.

وحسب تقرير صحيفة Economia3 الإسبانية، يبرز المغرب كوجهة استراتيجية بديلة، إلى جانب دول مثل الهند، مع سعي أوروبا والولايات المتحدة لتقليص الاعتماد على مصادر إنتاج بعيدة جغرافياً.

بدأت هذه السلاسل بالتركيز على جنوب شرق آسيا، ولا سيما الصين، لتوفير العمالة الرخيصة والمزايا التكنولوجية والمواد الخام اللازمة لنمو الشركات وزيادة صادراتها.

ومع الأزمة المالية العالمية عام 2008، طرأ تحول على طبيعة الإنتاج، إذ اعتمدت الشركات على طلبات أصغر وأسرع بدل الشراء بالجملة، ما جعل نماذج الإنتاج الضخمة في آسيا أقل جدوى بسبب ارتفاع تكاليف النقل.

وأضافت جائحة كورونا عام 2020 مزيداً من الضغط على سلاسل التوريد، حيث كشفت عن هشاشة الاعتماد على الإنتاج البعيد، خاصة في المنتجات الحيوية مثل بطاريات السيارات.

ومن هنا جاءت الحاجة الأوروبية والأمريكية لإعادة هيكلة سلاسل التوريد والاقتراب من مواقع الإنتاج.

في هذا السياق، يبرز المغرب كوجهة جذابة بفضل قربه من أوروبا، الذي يقلل تكاليف النقل، وقدرته على إنتاج كميات صغيرة يتم تسليمها خلال 24 إلى 48 ساعة، إضافة إلى الحوافز الضريبية وتكاليف العمالة المنافسة، رغم أنها أعلى من جنوب شرق آسيا.

وتظل البنية التحتية اللوجستية تحدياً، لكنها تفتح أبواباً كبيرة للاستثمار.

ويشهد المغرب نمواً متسارعاً في صناعة السيارات، حيث تنتج شركات كبرى مثل رينو وفولكسفاجن ومرسيدس سيارات ومكونات، بما في ذلك النماذج الأولية للسيارات الكهربائية والهيدروجينية.

كما يمتلك المغرب موارد طبيعية مهمة، أبرزها الفوسفات، الذي يمثل 26.7% من الإنتاج العالمي ويُستخدم في البطاريات والزراعة، بينما تشهد الصناعة الفضائية تطوراً مدعوماً بالحوافز الضريبية، مع استثمارات من شركات فرنسية وأمريكية.

ورغم هذه المكاسب، يواجه المغرب تحديات تتعلق بضعف البنية التحتية مقارنة بآسيا، إلا أن الاستثمارات المستمرة في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا تساهم في تعزيز مكانته كلاعب إقليمي واستراتيجي في خريطة سلاسل القيمة العالمية.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى