فشل حكومي في قطاع الصحة…”مستشفى الموت” بأكادير نموذجًا

في مشهد يعكس حالة الغليان الشعبي، تحولت ساحة المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير إلى منبر لغضب المواطنين، الذين خرجوا أمس الأحد ، ليحتجوا على تردي الخدمات الصحية وتزايد الوفيات الغامضة، في ظاهرة وصفها البعض بأنها تعكس فشلًا حكوميًا ذريعًا في ملف الصحة.
لم تكن هذه الوقفة الاحتجاجية عادية؛ بل كانت بمثابة صرخة مدوية في وجه من وصفهم المتظاهرون بـ”الفساد والإهمال”.
حيث صدحت حناجرهم بشعارات قوية مثل: “الشعب يريد إسقاط الفساد” و”هذا عيب هذا عار.. مقبرة أم سبيطار”.
هذه الشعارات ليست مجرد تعبير عن الإحباط، بل هي اتهام مباشر للحكومة الحالية، التي يترأسها عزيز أخنوش، ابن المدينة، بالإخفاق في توفير أبسط حقوق المواطنين في العلاج.
هذا الوضع المتأزم في مدينة رئيس الحكومة يضع السلطة التنفيذية في موقف حرج أمام الرأي العام، ويفضح تلكؤها في إصلاح قطاع حيوي يمس حياة المواطنين بشكل مباشر.
كما أن التواجد الأمني المكثف ومحاولات تفريق المتظاهرين لم تزد الوضع إلا احتقانًا، في حين أكد المحتجون أن مطالبهم “مصيرية” ولن يتراجعوا عنها.
لم تكن هذه الأزمة وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكمات وفشل في الاستجابة للتحذيرات المتكررة. فمنذ مطلع الشهر، دقت منظمات حقوقية، وعلى رأسها الشبكة المغربية لحقوق الإنسان، ناقوس الخطر، مشيرة إلى أن المستشفى يعمل فوق طاقته الاستيعابية. وقد وثقت هذه المنظمات وفاة ست نساء حوامل في غضون أسابيع قليلة، وهو ما أثار استياء واسعًا.
هذا الفشل في التعامل مع الأزمة الصحية وصل صداه إلى البرلمان، حيث وجه النائب خالد الشناق سؤالًا كتابيًا لوزير الصحة، معبرًا عن قلقه البالغ من “الأوضاع المأساوية” التي تهدد حياة المرضى وتنتهك كرامتهم.
هذه التحذيرات البرلمانية والحقوقية تكشف عن عجز حكومي في اتخاذ إجراءات استباقية وفعالة لوقف نزيف الأرواح.
في محاولة لامتصاص الغضب، عقدت المديرة الجهوية للصحة، بمياء شاكري، ندوة صحفية، قدمت فيها التعازي لأسر الضحايا، وبررت الضغط على المستشفى باستقباله حالات من خارج الجهة. كما أعلنت عن تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب الوفيات.
لكن هذه الوعود لم تقنع الشارع، الذي يعتبرها مجرد محاولات لتسكين الألم لا معالجة المرض. المحتجون والفاعلون الحقوقيون يرفضون الحلول الترقيعية، ويطالبون بإصلاح جذري يشمل تعزيز الموارد البشرية، وتوفير التجهيزات الضرورية، وفتح تحقيق قضائي شفاف ومحاسبة المسؤولين عن هذا الإهمال.
هذا الغليان الشعبي في أكادير، معقل رئيس الحكومة، قد يكون بداية لاحتجاجات أوسع، خاصة مع تزايد الانتقادات الموجهة للحكومة بشأن ضعف الخدمات الاجتماعية. مما ينذر بمزيد من التوتر الاجتماعي، ويؤكد أن فشل الحكومة في ملف الصحة أصبح واقعًا لا يمكن التغاضي عنه.