الامتيازات الضريبية الأمريكية تدفع المستثمرين بحذر وسط غموض الرسوم الجمركية

رغم النجاح الذي حققه المصنعون الأميركيون في انتزاع امتيازات ضريبية مرغوبة ضمن مشروع قانون الميزانية البالغة قيمته 3.4 تريليون دولار، إلا أن سياسات الرئيس دونالد ترمب التجارية المتقلبة لا تزال تلقي بظلال من الشك على أي انتعاش مستدام في الاستثمارات الرأسمالية.
وقد أعادت الميزانية الجديدة ميزة الاستهلاك المعجل بنسبة 100% على استثمارات المعدات والمصانع في عامها الأول، إلى جانب خصومات موسعة على البحث والتطوير والفوائد.
هذه التسهيلات خلقت أجواء من الارتياح في أوساط المصنعين، الذين علق كثيرون منهم خطط الإنفاق بسبب الغموض الضريبي والمواقف المتغيرة من الرسوم الجمركية.
تشارلز كرين، نائب الرئيس التنفيذي للسياسات في “الرابطة الوطنية للمصنعين”، اعتبر أن إزالة العقبات الضريبية تمثل تقدمًا حقيقيًا، لكنه أقر بوجود عوائق أخرى مستمرة، أبرزها حالة عدم اليقين بشأن التجارة الدولية.
رغم الامتيازات الضريبية، تتردد العديد من الشركات في اتخاذ قرارات استثمارية حاسمة نتيجة تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية جديدة على واردات المعادن، بما فيها النحاس بنسبة 50%.
وتخشى الشركات من تأثير هذه الرسوم على تكاليف الإنتاج، في وقت أصبحت فيه القدرة على تسعير المنتجات بدقة أمراً بالغ الصعوبة.
سوزان سبنس، رئيسة لجنة مسح أعمال التصنيع في معهد إدارة التوريد، علّقت بقولها: “مع تقلب بيئة الرسوم، تظل قرارات الشركات مجمدة بانتظار وضوح أكبر”.
بعض الشركات الصغيرة بدأت تتحرك، مستفيدة من الحوافز الجديدة. كورتني سيلفر، رئيسة شركة تصنيع في نورث كارولاينا، أعادت تفعيل خطة لشراء معدات جديدة بقيمة تتجاوز مليون دولار بعد تأكيد الإعفاءات الضريبية.
وصرّحت قائلة: “هذا يمنحنا الثقة للنمو والتوسع بشكل ذكي”.
أما في ماريلاند، فيتوقع جوزيبي ريفا، المدير الإقليمي لشركة “فيسب” الإيطالية، ارتفاع الطلب على معدات القطع والحفر الفولاذية التي تصنعها شركته، مستندًا إلى تجربة مماثلة في عهد ترمب الأول حين أدى تخفيض الضرائب إلى قفزة في مبيعات معدات النجارة.
لي ليتل، الرئيسة التنفيذية لرابطة تأجير وتمويل المعدات، ترى أن الشركات قد تُقدم على الشراء والتوظيف في ظل الامتيازات الضريبية الجديدة، لكنها شددت على أن الرسوم الجمركية لا تزال مصدر قلق أساسي يحدّ من الحماس.
وفي السياق ذاته، أوضح مايكل هيكس، أستاذ الاقتصاد بجامعة بول ستيت، أن الحوافز الضريبية وحدها غير كافية لإطلاق موجة استثمار رأسمالي واسعة، مشيرًا إلى أن التعريفات الجمركية قد تمثل عبئًا يفوق الفوائد الضريبية في العديد من الحالات.
بينما تبدو الحوافز الضريبية أداة واعدة لدفع الاستثمارات في القطاع الصناعي الأميركي، فإنها تصطدم بجدار من الشك التجاري مصدره تهديدات ترمب الجمركية المتكررة. فالطريق نحو نهضة صناعية حقيقية لن يمر فقط عبر الإعفاءات، بل يتطلب أيضًا وضوحًا واستقرارًا في السياسة التجارية، وهو ما لم يتحقق بعد.