الاقتصادية

تحالف “أوبك+” يواصل رفع الإنتاج وسط تحذيرات من تخمة معروض وأسعار مهددة بالهبوط

يتجه تحالف “أوبك+”، غدا السبت، إلى إقرار زيادة جديدة في إنتاج النفط بنحو 411 ألف برميل يومياً، للمرة الرابعة على التوالي، في خطوة تعكس استمرار مساعيه لاستعادة الإمدادات التي جرى تقييدها سابقاً، بالرغم من تصاعد التحذيرات من فائض متوقع في السوق خلال النصف الثاني من العام الجاري، بحسب تحليل لوكالة “بلومبرغ إنتليجنس”.

رغم أن التوترات الجيوسياسية قد هدأت، خاصة في الشرق الأوسط، فإن الطلب العالمي لا يزال يعاني ضعفاً، لا سيما في الأسواق الآسيوية.

ويثير هذا الواقع مخاوف من أن الزيادات المتواصلة في الإمدادات قد تتجاوز احتياجات السوق، ما يُهدد بعودة تخمة المعروض بوتيرة أسرع من قدرة السوق على الاستيعاب.

تسعى السعودية من خلال هذه الاستراتيجية إلى فرض مزيد من الانضباط بين أعضاء التحالف غير الملتزمين بالحصص، مثل كازاخستان، وفي الوقت نفسه تعمل على حماية حصتها السوقية في مواجهة ارتفاع إنتاج الدول غير الأعضاء في “أوبك+”.

في حال تم تثبيت الزيادة الجديدة في إنتاج شهر غشت ، فإن التحالف يقترب من التخلي الكامل عن التخفيضات التي أقرها سابقاً. وتشير تقديرات “بلومبرغ إنتليجنس” إلى أن السوق قد تواجه فائضاً يفوق مليون برميل يومياً خلال النصف الثاني من 2025، ما لم يتحسن الطلب العالمي أو يتم كبح جماح الإنتاج.

ومن المتوقع أن يأتي معظم هذا الفائض من نمو الإمدادات خارج “أوبك+”، خصوصاً من الولايات المتحدة والبرازيل وغيانا، ما يزيد من صعوبة تحقيق توازن مستدام في السوق.

تراجع أسعار النفط مؤخرًا جاء نتيجة اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، ما ساهم في تقليص المخاطر الجيوسياسية التي كانت تضغط على الأسواق.

وفي الوقت نفسه، تشير التحليلات إلى أن السعودية ربما تسعى عبر هذه التحركات إلى تخفيف الضغوط الغربية، خاصة مع مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سابقاً بخفض أسعار النفط خلال زيارته إلى الخليج، وهو ما يراه البعض تعاوناً غير مباشر مع واشنطن لضمان استقرار السوق وخفض تكاليف الطاقة للمستهلكين.

أسفرت التخفيضات السابقة عن تراكم طاقات إنتاجية فائضة داخل “أوبك”، غير أن المسار الحالي نحو تقليص التخفيضات يعيد استخدام هذه الطاقات تدريجياً.

ويُقدّر أن السعودية تستحوذ على 47% من هذا الفائض، تليها الإمارات بنسبة 23%، ثم العراق وإيران بنسبة 9% لكل منهما، بإجمالي يبلغ 6.6 مليون برميل يومياً.

خلال العقد الأخير، تراجعت حصة “أوبك” من الإمدادات العالمية بنحو 10 نقاط مئوية، بينما ارتفعت حصة منتجي النفط الصخري في أمريكا الشمالية بنحو 9 نقاط. ومع ذلك، لا تزال “أوبك” تمتلك أدوات فعالة لضبط السوق، كما ظهر جلياً خلال أزمة 2020 حين ساهمت في منع انهيار الأسعار.

ويرى خبراء “بلومبرغ إنتليجنس” أن المجموعة تحتفظ بدور محوري، رغم التحديات المتعلقة بانخفاض نمو الطلب على خلفية التوسع في السيارات الكهربائية وكفاءة استهلاك الوقود.

تعكس توقعات وكالات الطاقة انخفاضاً ملحوظاً في الطلب على نفط “أوبك” خلال 2025، حيث تشير بيانات وكالة الطاقة الدولية إلى انخفاضه إلى 26.5 مليون برميل يومياً، مقارنة بـ27 مليوناً في 2024 و28.4 مليوناً في 2023.

ويعود هذا التراجع إلى استمرار تدفق النفط الروسي رغم العقوبات، وتزايد الإنتاج من خارج التحالف، وضعف الطلب العالمي.

يواجه تحالف “أوبك+” تحديات معقدة في تحقيق التوازن بين دعم الأسعار والحفاظ على الحصة السوقية، وسط سوق تزداد تشبعاً بالإمدادات ومناخ اقتصادي غير مستقر.

ومع استمرار الضغوط من المستهلكين الكبار والمنتجين الجدد، فإن مصير أسعار النفط خلال الشهور المقبلة سيظل مرهوناً بقدرة التحالف على إدارة هذه المعادلة الدقيقة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى