تقرير: توازن هش في سوق الشغل المغربي بين نمو المدن وتراجع الريف

رغم التطور الكمي في مناصب الشغل، لا يزال سوق العمل في المغرب يواجه تحديات هيكلية حقيقية، خاصة ما يتعلق بتراجع معدل النشاط وارتفاع بطالة الشباب والنساء، وذلك حسب معطيات رسمية تغطي الفترة ما بين 2012 والفصل الأول من سنة 2025.
فقد أظهرت بيانات صادرة عن وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات تراجعًا لافتًا في معدل النشاط الوطني بنسبة 4.9% خلال الفترة المذكورة، وهو تراجع تُعزى أسبابه بالأساس إلى الانخفاض الكبير في معدل النشاط بالوسط القروي، الذي فقد 10.5 نقطة مئوية منذ عام 2012.
وقد أثر هذا التراجع بشكل خاص على النساء القرويات، حيث انخفض معدل نشاطهن من 35.6% سنة 2012 إلى 18.8% سنة 2024.
ورغم الجهود المبذولة لإحداث مناصب شغل جديدة، إلا أن البطالة لا تزال مرتفعة في فئات معينة. فقد بلغ معدل البطالة لدى الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 سنة نحو 36.7% في 2024، مسجلاً ارتفاعًا بـ 18.6 نقطة مئوية منذ 2012.
أما بطالة النساء فبلغت 19.4%، بزيادة قدرها 9.5 نقاط، فيما ارتفعت بطالة حاملي الشهادات إلى 25.7%.
كما أحدث الاقتصاد المغربي خلال الفترة ما بين 2012 و2024 حوالي 908 آلاف منصب شغل في الوسط الحضري، بينما فقد الوسط القروي أكثر من 715 ألف منصب، نتيجة تراجع قطاع الفلاحة والصيد والغابات الذي خسر أزيد من مليون منصب شغل.
وفي المقابل، ساهمت قطاعات الصناعة، البناء، والخدمات في خلق أكثر من 1.2 مليون منصب خلال الفترة نفسها.
عرف توزيع التشغيل حسب القطاعات تحولات كبيرة، إذ ارتفعت حصة قطاع الخدمات من 39.4% سنة 2012 إلى 49.4% في 2024، بينما تراجعت حصة قطاع الفلاحة من 39.2% إلى 26.3%.
من حيث التغير الصافي في التشغيل خلال الفترة، حقق قطاع الخدمات أكبر نمو بـ1.1 مليون منصب، تلاه البناء بـ81 ألفًا، ثم الصناعة بـ56 ألفًا، فيما فقد قطاع الفلاحة 1.045 مليون منصب، بمتوسط سنوي سلبي بلغ 80 ألفًا.
و مع بداية سنة 2025، أُحدثت 285 ألف وظيفة جديدة في الوسط الحضري، في مقابل فقدان 3 آلاف منصب في الوسط القروي. وتوزعت غالبية المناصب الجديدة على قطاع الخدمات (+216 ألف)، الصناعة (+83 ألفًا)، والبناء (+52 ألفًا). أما قطاع الفلاحة فقد استمر في التراجع بفقدان 72 ألف منصب إضافي.
وسجل معدل البطالة خلال الفصل الأول من 2025 انخفاضًا طفيفًا، حيث بلغ 13.3% مقارنة بـ13.7% في الفترة نفسها من السنة الماضية. إلا أن المعدلات تظل مقلقة في أوساط الشباب (35.9%)، النساء (21.2%)، وحاملي الشهادات (19.4%).