بينانس تخسر المتداولين في الهند لصالح بورصات محلية
عندما انفصلت “بينانس هولدينغز” عن شركتها التابعة في الهند “وزير إكس” (WazirX)” عام 2022، بدت أكبر بورصة للعملات المشفرة في العالم وكأنها لا تُقهر في السوق المحلية، بينما كانت “وزير إكس” تتعثر.
ولكن، أدت الحملة الحكومية على المنصات الأجنبية إلى قلب آليات التنافس رأساً على عقب بشكل مفاجئ.
قيود على البورصات الأجنبية
منذ أن بدأت الحكومة الهندية في أواخر ديسمبر تقييد الوصول إلى منصة “بينانس” وغيرها من بورصات العملات المشفرة الأجنبية العاملة في البلاد دون أن تكون مسجلةً محلياً، توافد المتعاملون على المنافسين المحليين مثل “وزير إكس”. وينقل العديد منهم الودائع من “بينانس”، وفقاً للشركات المحلية.
استفادت “وزير إكس” ومنافسات مثل “كوين دي سي إكس” (CoinDCX) و”كوين سويتش كوبر” (CoinSwitch Kuber)، بعدما تضررت بسبب نظام ضريبي صدر عام 2022 دفع المتعاملين إلى البورصات الأجنبية.
ويبدو أنها تتجه الآن لتحقيق المزيد من المكاسب بعد أن ألغى متجر تطبيقات “أبل” الأسبوع الماضي تطبيقات “بينانس” وسبع بورصات أجنبية أخرى بطلبٍ من الحكومة الهندية.
قفزت الودائع الداخلة إلى “وزير إكس” بنحو 250% في الأيام الأربعة التي أعقبت إشعار الهند تسع منصات خارجية بالامتثال للقواعد الجديدة في 28 ديسمبر، مقارنة بالأيام الأربعة التي سبقت ذلك، وفقاً للشركة. قال الرئيس التنفيذي سوميت غوبتا إن “كوين دي سي إكس” عاودت استقبال الودائع مباشرة بعد الإجراء الحكومي.
مكاسب جمة للبورصات المحلية
قال إيدول باتيل، الرئيس التنفيذي لمنصة “مودريكس” (Mudrex) المدعومة من “واي كومبينيتور” (Y Combinator)، عن تدفقات الودائع الداخلة والمستخدمين الجدد: “الأرقام التي نحققها عادةً خلال 3 أشهر، تمكنا من بلوغها في الأسبوعين الماضيين فقط”. وأضاف أن أكثر من 30 ألف عميل سجلوا في “مودريكس” منذ 28 ديسمبر.
قدرت “وزير إكس” و”مودريكس” أن ما يقرب من 70% من تدفقاتها الجديدة جاءت من “بينانس”، في حين قدرت “كوين دي سي إكس” الرقم بنحو 40%.
وقالت “بينانس” إنها “تعمل بجد لإرشاد عملية صنع سياسات بناءة تسعى إلى إفادة المستخدمين والمشاركين في السوق على حد سواء”، مكررة البيان الذي أدلت به بعد حذف متجر “أبل” تطبيقها في الهند، ولم ترد على الأسئلة المتعلقة بتخارج الودائع.
لا تتوفر تقديرات لحصة بورصات العملات المشفرة السوقية في الهند. ولكن قياساً بتنزيلات التطبيق، كانت “بينانس” المهيمنة في السوق منذ أن قضت ضريبة التنفيذات التي فرضتها الدولة في منتصف 2022 على التداول المتكرر على المنصات المحلية. قدّر غوبتا من “كوين دي سي إكس” أن الضريبة الجديدة دفعت نحو 95% من تجارة العملات المشفرة في الهند إلى منصات أجنبية لا تحصّلها.
تنافس غير عادل
تحركت الحكومة الهندية ضد البورصات الأجنبية بعد ضغط المنافسين المحليين على مدى أشهر، حاججوا خلالها بأن الضرائب الجديدة خلقت ساحة تنافس غير عادلة.
وجاء في الإشعار الصادر في أواخر ديسمبر من وحدة الاستخبارات المالية الهندية أن البورصات التسع تعمل بشكل غير قانوني في الهند دون الامتثال لأحكام مكافحة غسل الأموال التي أصدرتها العام الماضي، ودعاها إلى توضيح كيف ستمتثل لهذه الأحكام.
كما طلبت وحدة الاستخبارات المالية من وزارة الإعلام حجب المواقع الإلكترونية للمنصات التسع محلياً.
وفي مساء الجمعة، لم تكن محددات مواقع الموارد المحددة، التي تعرف بـ”يو آر إل” (URL) الخاصة بها تعمل في الهند. غير أن تطبيقاتها لا تزال متاحة على “غوغل بلاي” في الهند.
وتبدو الصورة أكثر دقة عندما يتعلق الأمر بأحجام التداول، والتي كاد أن يمحوها خصم الضرائب من المصدر الذي دخل حيز التنفيذ في 2022.
قالت “وزير إكس” إن أحجام التداول لم تتغير كثيراً، بينما قالت “كوين دي سي إكس” إن الارتفاع الطفيف الذي لاحظته في الأسبوعين الماضيين ربما يرجع أكثر إلى تحسن المعنويات في قطاع العملات المشفرة بشكل عام.
ومع ذلك، قالت “كوين سويتش” (CoinSwitch) إن أحجام التداول على منصتها قفزت 30-35% في الأسبوع الذي أعقب إشعار وحدة الاستخبارات المالية للمنافسين الأجانب.
وعاودت “كوين سويتش”، شأنها شأن “كوين دي سي إكس”، لتلقي الودائع بعد إجراء وحدة الاستخبارات المالية.
التوتر مع الصين
كتب مركز “إيسيا سنتر” (Esya Centre) البحثي ومقره نيودلهي إلى وزارة الشؤون الداخلية الهندية في أواخر أكتوبر يطالب بوضع قيود على بورصات العملات المشفرة الأجنبية التي لا تلتزم بلوائح مكافحة غسل الأموال. وأشار إلى أن سبع من تلك المنصات لها أصول أو مؤسسون صينيون، وفقاً لنسخة من الرسالة التي اطلعت عليها بلومبرغ. ورفض “إيسيا سنتر” التعليق.
أسس الكندي، الصيني المولد، تشانغبينغ تشاو “بينانس” في الصين.
وربما تكون الإشارة إلى الصين، المنافس الجيوسياسي الرئيسي للهند في آسيا، قد لمست وتراً حساساً.
ففي 2020، حظرت الهند 59 تطبيقاً صينياً، منها “تيك توك”، وسط توتر حدودي في جبال الهيمالايا.
وحظرت 232 تطبيقاً صينياً آخر العام الماضي في إشارة إلى أن العلاقات لا تزال مشحونة بين البلدين.
قالت سناء هاشمي، الزميلة الزائرة في “تايوان-آسيا إكستشينج فاونديشن” (Taiwan-Asia Exchange Foundation)، والتي تركز على علاقات الهند والصين والولايات المتحدة الخارجية، عن الحملة على بورصات العملات المشفرة الخارجية: “التطورات الحالية تعكس أيضاً التدقيق الهندي المستمر في الاستثمارات الصينية الواردة وعمل الشركات الصينية داخل البلاد”.