Bitget Banner
الاقتصادية

حين حلمت طوكيو بقيادة العالم.. قصة صعود اليابان وسقوطها الكبير

في أواخر الثمانينيات، كانت طوكيو تعيش ذروة نشوتها الاقتصادية، مدينة لا تنام، أبراجها ترتفع في الأفق، وأسواقها تتوهج بلا انقطاع.

بدا وكأن العالم يتحدث يابانيًا: أسهم الشركات تحلّق، والاستثمار لا يعرف الخسارة، حتى أن بورصة طوكيو تجاوزت نظيرتها في نيويورك، في لحظة اعتُبرت تتويجًا لـ”المعجزة الاقتصادية اليابانية”.

تساءل كثيرون حينها: هل اليابان على وشك أن تنتزع قيادة الاقتصاد العالمي من أمريكا؟

لكن كما جاء الصعود بسرعة، جاء السقوط مدويًا، تاركًا اليابان في دوامة انكماشية امتدت لعقود.

بعد دمار الحرب العالمية الثانية، أعادت اليابان بناء اقتصادها بنموذج فريد جمع بين التوجيه الحكومي والابتكار الصناعي. بنظام “الكيريتسو”، الذي ربط الشركات بمصالح متقاطعة وولاء طويل الأمد، تمكنت اليابان من بناء قاعدة صناعية قوية في مجالات السيارات، الإلكترونيات، والآلات الدقيقة.

بين السبعينيات والثمانينيات، كان العالم يعاني من أزمات نفطية وركود، بينما حافظت اليابان على نمو قوي، وتضخم منخفض، وفائض تجاري متزايد. بلغت صادراتها مستويات غير مسبوقة، وارتفع ناتجها المحلي الإجمالي من 200 مليار دولار في 1970 إلى أكثر من 5.5 تريليون دولار في ذروة الطفرة.

بحلول عام 1989، كانت طوكيو قد أصبحت عاصمة مالية عالمية، واستحوذت بورصتها على 45% من القيمة السوقية العالمية للأسهم، متجاوزة وول ستريت.

تضخمت أسعار الأراضي والأسهم إلى مستويات خيالية، حتى أن قيمة القصر الإمبراطوري في طوكيو قدرت حينها بما يعادل قيمة أراضي ولاية كاليفورنيا بأكملها.

اندفعت العائلات والشركات للاقتراض من أجل الاستثمار في السوق، مدفوعة بأسعار فائدة منخفضة وسيولة وفيرة. مؤشر “نيكي 225” ارتفع من 13 ألف نقطة في 1984 إلى قرابة 39 ألفًا في نهاية 1989.

لكن هذه كانت فقاعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

مع بداية التسعينيات، غيّر بنك اليابان سياسته، وبدأ رفع الفائدة لمحاربة التضخم. النتيجة كانت كارثية: انهيار في أسعار الأسهم والعقارات، وخسائر ضخمة في الثروة الوطنية.

و انخفض مؤشر “نيكي” بنسبة 60% خلال عامين، وانهارت أسعار الأراضي بأكثر من 65% على مدى عقد ونصف.

دخلت البلاد فيما سُمّي لاحقًا بـ”العقد الضائع”، حيث انكمش الاقتصاد، وارتفعت البطالة، وتراجعت الاستثمارات. وبحلول عام 1998، انخفض الناتج المحلي إلى 4.1 تريليون دولار، وعجزت اليابان عن استعادة زخمها، رغم محاولات الإنقاذ الحكومي المستمرة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى