فتاح : الذكاء الاصطناعي رافعة استراتيجية لتعزيز التدقيق الداخلي والتحول الرقمي في القطاع العام

في خطوة تعكس وعي المغرب بأهمية التحول الرقمي في القطاع العام، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، خلال مشاركتها في افتتاح المؤتمر الدولي حول “التدقيق الداخلي في زمن الذكاء الاصطناعي” بسلا، أن الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا تقنيًا فحسب، بل أصبح رافعة استراتيجية لإعادة تصور الممارسات الرقابية وتعزيز فعالية التدقيق العمومي.
الوزيرة أوضحت أن الذكاء الاصطناعي يفتح المجال لما أسمته بـ”التدقيق المعزز”، الذي يعتمد على تفاعل متكامل بين القدرات البشرية والخوارزميات، بهدف تحليل كميات ضخمة من البيانات في الوقت الفعلي، وتحديد المخاطر بسرعة، والكشف عن الاختلالات، واقتراح حلول استباقية.
هذا التحول في النموذج، تضيف فتاح، لا يعيد فقط تعريف مهام المدقق العمومي، بل يوسع دوره ليشمل التحقق من وسائل اتخاذ القرار، وضمان نزاهة البيانات وسلامتها، فضلاً عن تقييم فعالية الأنظمة الآلية المعتمدة في التدبير العمومي.
إلا أن هذا التحول الرقمي، بحسبها، لا يخلو من تحديات، من أبرزها: التغلب على الانحيازات الخوارزمية، حماية سرية البيانات، ومواكبة التغيرات بالتأهيل المستمر للموارد البشرية وتحديث الأطر القانونية والتنظيمية.
وشددت الوزيرة على أن نجاح هذا الانتقال الرقمي لا يتوقف على التكنولوجيا وحدها، بل يستند إلى بناء شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص، والجامعات، والشركاء الدوليين، ومع المجتمع المدني الذي تزداد مطالبه بالشفافية والمحاسبة.
وأبرزت أن المغرب منخرط في رؤية طموحة لإدماج الذكاء الاصطناعي في تدبيره العمومي، رؤية تستند إلى أفضل الممارسات العالمية، لكنها متجذرة في أولويات وطنية واضحة تروم تحديث الإدارة، وتحسين جودة الخدمات، والاستعداد لتحديات المستقبل.
ويأتي هذا المؤتمر، المنظم بشراكة بين وزارة الاقتصاد والمالية، وزارة الشؤون الخارجية، ووزارة الانتقال الرقمي، احتفاءً بالذكرى 65 لتأسيس المفتشية العامة للمالية، كمناسبة استراتيجية للنقاش حول آفاق التدقيق الداخلي في عصر الذكاء الاصطناعي.
الحدث جمع نخبة من الخبراء والمفتشين وصناع القرار، وكان أيضًا فرصة لتكريم رموز التدبير المالي بالمغرب وإفريقيا.
هذا اللقاء لم يكن مجرد محطة للتبادل الفكري، بل تحول إلى منصة لإعادة التفكير في أسس الحكامة العمومية، وصياغة تصور مستقبلي طموح لمهنة التدقيق، في عالم تزداد فيه أهمية الذكاء الاصطناعي كأداة للشفافية، الفعالية، والمساءلة.