تحقيق داخلي في بنك مغربي كبير بشأن شبهات تبييض أموال التسوية الطوعية

باشرت مصالح الرقابة الداخلية وتقييم المخاطر في مجموعة بنكية كبرى تحقيقًا داخليًا يستهدف مسؤولين في وكالاتها، وذلك على خلفية عمليات سحب متكررة وقريبة زمنيًا لمبالغ مالية ضخمة من حسابات تم فتحها ضمن برنامج “التسوية الطوعية للوضعية الجبائية للأشخاص الذاتيين” الذي انتهى في 31 دجنبر الماضي، حسب ما أفادت به مصادر مطلعة لهسبريس.
وأوضحت المصادر أن هذا التحرك يأتي للتحقق من معلومات تشير إلى تورط موظفين بنكيين، بالتنسيق مع محاسبين، في عمليات يشتبه في كونها “تبييض” لملايير الدراهم التي تم التصريح بها في إطار التسوية الطوعية.
وكشفت المعطيات التي وصلت إلى جهاز تدبير المخاطر بالبنك عن تسهيلات قدمها بعض البنكيين لزبائن لسحب مبالغ كبيرة وتحويل حساباتهم من وكالات هامشية إلى أخرى مركزية، خاصة في الدار البيضاء. ويأتي ذلك بعد تحذير الزبائن من مغبة التصرف العشوائي في الأموال المصرح بها، حيث تم توجيههم نحو محاسبين متخصصين في إنشاء شركات وتجهيز ملفاتها المحاسبية والضريبية.
وتشير المعلومات إلى قيام هؤلاء الزبائن بتقسيم المبالغ المسحوبة من حساباتهم الشخصية وتحويلها إلى حسابات شركات ذات مسؤولية محدودة تم تأسيسها بهدف إضفاء الشرعية على معاملات تجارية صورية مدعومة بفواتير وكشوفات بنكية.
وأكدت مصادر الجريدة أن المعلومات المتوفرة تفيد بأن المحاسبين حرصوا على توسيع أنشطة الشركات المنشأة لتوفير مساحة أكبر لتمرير معاملات وهمية والتلاعب بالفواتير، بالإضافة إلى إدخال أموال غير مصرح بها في إطار التسوية الطوعية إلى الدورة البنكية.
وفي سياق متصل، كشفت المعطيات عن حالة مسؤول في وكالة بنكية بالضواحي وجه زبونًا يعمل في قطاع العقارات، بعد إيداعه مبلغ 750 مليون سنتيم ضمن التسوية، إلى الاتصال بمحاسب لإنشاء شركة وفتح حساب جديد لها في وكالة أخرى تابعة لنفس البنك، بهدف التمويه على أي عمليات سحب مستقبلية.
من جهة أخرى، ينتظر المستفيدين من التسوية الطوعية مراجعات ضريبية شاملة لوضعيتهم الجبائية، وفقًا للمادة 219 من المدونة العامة للضرائب.
فالعملية التي انتهت في دجنبر الماضي لا تعفيهم من المراقبة الضريبية اللاحقة عن السنوات 2021 إلى 2024، مع استثناء مبلغ المساهمة المحدد بـ 5% فقط عند تصحيح أسس الضريبة خلال المراقبة، وكذا تقييم الدخل السنوي في إطار فحص الوضعية الجبائية المنصوص عليها في المادة 216 من المدونة نفسها.
كما كشفت مصادر هسبريس عن مخاوف لدى بعض زبائن البنوك بشأن حماية الأموال غير المصرح بها، حيث لجأ البعض إلى منتجات الادخار في محاولة لإدخال مبالغ نقدية كبيرة إلى الدورة البنكية عبر ودائع موجهة للتعليم والتقاعد والصحة وغيرها. يذكر أن عملية التسوية الطوعية قد مكنت من تحصيل ما يزيد عن 6 مليارات درهم من أصل 127 مليار درهم تم التصريح بها.