اقتصاد المغربالأخبار

زراعة الحوامض في المغرب على مفترق طرق..تراجع المساحات ونداء للاستغاثة

بات قطاع زراعة الحوامض في المغرب يواجه منعطفًا حرجًا، حيث لم تعد الأرقام مجرد إحصائيات، بل مؤشرات تنذر بتراجع خطير يهدد أحد أعمدة الفلاحة المغربية.

ففي غضون عقد واحد فقط، تقلصت المساحات المزروعة بحوالي 40 ألف هكتار، لتستقر حاليًا عند نحو 90 ألف هكتار، وذلك في ظل استمرار الجفاف وأزمة مياه خانقة تخنق القطاع.

وفي هذا السياق الدقيق، انعقد أول مؤتمر وطني للحوامض في مراكش في الفترة من 13 إلى 15 مايو الجاري، ليتحول إلى منصة حوار طارئة بين المهنيين والباحثين والمسؤولين.

و يأتي هذا المؤتمر بعد أن تحولت الأزمة إلى واقع يومي مؤلم يستنزف الأراضي والمنتجين والعمال على حد سواء.

قاسم بناني سميرس، رئيس الفيدرالية البيمهنية المغربية للحوامض “ماروك سيترس”، لم يخفِ قلقه العميق، مصرحًا: “نحن نعيش لحظة حرجة، فالجفاف تسبب في تقلص المساحات ودفع العديد من الفلاحين إلى اقتلاع الأشجار أو التخلي عن مزارعهم”.

وبخبرة تمتد لأكثر من 40 عامًا في هذا المجال، أكد بناني أن المؤتمر لم يعد مجرد لقاء علمي، بل ضرورة ملحة لإنقاذ القطاع.

وقد كشف رضوان عراش، الكاتب العام لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، عن أرقام تعكس الأهمية الحيوية للقطاع، حيث يساهم بـ:

34 مليون يوم عمل سنويًا.
ما بين 150 و200 ألف منصب شغل.
رقم معاملات يقارب 10 مليارات درهم، نصفها من الصادرات.
اعتراف رسمي بنقص الدعم وتخوف من المستقبل:

إلا أن هذه الأرقام تخفي واقعًا صعبًا يواجهه القطاع. فقد تركز الإنتاج بشكل مفرط في الفترة المبكرة من الموسم، مما أحدث خللاً في التوزيع الزمني وأربك محطات التلفيف.

و في المقابل، ظل السوق الداخلي يعتمد على قنوات تقليدية غير مهيكلة. أما الأسواق الدولية، فقد بدأت تشهد منافسة شرسة من دول لم تكن في السابق لاعبًا مؤثرًا في سوق الحوامض.

وفي اعتراف صريح، قال عراش: “المغرب من أقل دول حوض المتوسط دعمًا لهذا القطاع.. لا بد من تدخل قوي من الدولة”. وعلى الصعيد التقني، يواجه القطاع تحديات تتعلق بتقدم عمر الأشجار وضعف الإنتاجية التي لا تتجاوز 20 إلى 21 طنًا للهكتار، بينما يتطلب تحقيق الاكتفاء والتنافسية تجاوز عتبة 30 طنًا للهكتار.

ورغم توفر الحلول التقنية، يظل شح المياه العائق الأكبر أمام استدامة القطاع. ففي جهة الغرب على سبيل المثال، كان من المتوقع توفير 400 مليون متر مكعب من المياه للري، لكن الحصة المتاحة لم تتجاوز 40 مليون متر مكعب فقط.

وفي هذا السياق، حذر رشيد بنعلي، رئيس الكونفدرالية المغربية لتنمية الصادرات “كومادير”، من “غياب رؤية مائية واضحة، ولا وجود لإطلاقات مائية أو تراخيص لحفر الآبار”، محذرًا من احتمال نقص حاد في الخضروات الأساسية مثل البطاطس والطماطم في الموسم المقبل، وهو ما يلقي بظلال قاتمة على مستقبل القطاع الفلاحي برمته.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى