المغرب يُطلق مشروعا لتحديث معاييره التقنية لمراقبة جودة الهواء

أطلق المعهد المغربي للتقييس (إمانور) استشارة عامة تروم تعزيز جودة الهواء والحد من المخاطر الصحية المرتبطة بالتلوث والتعرض للمواد الكيميائية، وذلك من خلال مراجعة وإرساء عشرين مشروعًا جديدًا للمعايير المغربية (PNM).
المبادرة، التي تُشرف عليها لجنة توحيد المعايير الخاصة بجودة الهواء (CN 11)، ستستمر إلى غاية 10 يونيو المقبل، وتفتح الباب لمشاركة واسعة من الخبراء والفاعلين الصناعيين والمواطنين.
تشمل هذه المشاريع باقة متكاملة من المعايير التي تستند في جزء كبير منها إلى نظيراتها الأوروبية (EN) والدولية (ISO)، وتهدف إلى تقوية البنية التنظيمية لمراقبة التلوث الهوائي، سواء في الهواء الطلق أو داخل الفضاءات المغلقة، مع التركيز على تعزيز السلامة المهنية وحماية العاملين من التعرض المزمن للمواد الكيميائية الخطرة.
وتتنوع المواضيع التي تغطيها هذه المعايير بين قياس الجسيمات الدقيقة (PM₂.₅ وPM₁₀)، وتركيزات الغازات الملوثة مثل ثاني أكسيد الكبريت (SO₂) وأكاسيد النيتروجين (NOₓ)، وصولاً إلى تحليل المركبات العضوية المتطايرة (COV) كالفورمالديهايد والفثالات. وتُعد المواصفة PNM EN 12341 مثالًا بارزًا، إذ تحدد منهجية قياس دقيقة للجسيمات العالقة في المناطق الحضرية.
تُعير المعايير الجديدة اهتمامًا خاصًا للهواء داخل المباني، بما في ذلك الانبعاثات الناجمة عن مواد البناء والتجهيزات.
وتهدف مواصفات مثل PNM ISO 16000-3 وPNM ISO 16000-6 إلى اعتماد تقنيات تحليل متطورة كتحليل الكروماتوغرافيا الغازية لرصد المواد العضوية المتطايرة، مما يتيح تقييمًا علميًا دقيقًا لجودة الهواء في المنازل ومكاتب العمل.
في الجانب المهني، تعكس مشاريع مثل PNM EN 689 وPNM EN 482 توجهاً نحو حماية العمال من التأثيرات السامة للمواد الكيميائية، من خلال تطوير أدوات تقييم أكثر دقة لقياس نسب التعرض، واعتماد استراتيجيات وقائية تقلل من الأخطار الصحية في بيئة العمل.
تُعد هذه الاستشارة محطة محورية نحو إرساء منظومة وطنية متقدمة للقياس والمراقبة البيئية، حيث تفتح المجال لجميع المتدخلين – من صناعيين وخبراء بيئيين إلى المواطنين – للمشاركة في صياغة معايير قائمة على أسس علمية وعملية.
وتشكل هذه الدينامية خطوة ضرورية لترسيخ بيئة أكثر نقاءً وصحة، تضمن السلامة العامة وتحفّز على اعتماد ممارسات مسؤولة ومستدامة في مختلف القطاعات.
بهذا، يؤكد المغرب التزامه بتحديث تشريعاته البيئية والمهنية، في إطار رؤية مستقبلية تسعى إلى حماية صحة الإنسان والحفاظ على التوازن البيئي في ظل تحديات التغير المناخي والتوسع العمراني.