الاقتصاديةالتكنولوجيا

التحول الرقمي في الشركات الكبرى: كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل المستقبل؟

في نوفمبر 2023، أعلنت شركة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC) عن استثمار غير مسبوق بقيمة مليار دولار لتدريب موظفيها حول العالم على تقنيات الذكاء الاصطناعي، في خطوة تعكس عمق التحول الرقمي الذي يشهده العالم اليوم.

ما يميز هذا الاستثمار هو شموله لكافة موظفي الشركة، دون استثناء. هذه الخطوة لم تأتِ من باب المواكبة فحسب، بل من إيمان راسخ بأن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفاً تقنياً، بل تحول إلى ركيزة استراتيجية تُعزز الكفاءة وتُحرر الموارد البشرية من المهام الروتينية نحو مجالات الابتكار واتخاذ القرار.

لقد أصبح الذكاء الاصطناعي عاملاً حاسماً في تنافسية المؤسسات، بفضل قدرته على تحليل البيانات الضخمة، واكتشاف الأنماط المعقدة، وأتمتة العمليات.

مصطلحات تُستخدم كمترادفات ولكنها تختلف في معانيها

الذكاء الاصطناعي  (AI)

هو المفهوم الأكثر شمولاً، ويشمل كل تقنية أو نظام يُمكّن الحاسوب من محاكاة السلوك البشري، سواء في اتخاذ القرار أو في أداء المهام المتكررة.

التعلم الآلي

 (Machine Learning)

هو فرع من فروع الذكاء الاصطناعي، حيث يتعلم النظام من البيانات التي يتعرض لها لتحسين أدائه بمرور الوقت، مثل التنبؤ بحدوث أعطال أو اكتشاف أنماط الاحتيال المالي.

التعلم العميق

 (Deep Learning)

هو مستوى متقدم من التعلم الآلي، يستخدم شبكات عصبية متعددة الطبقات لمحاكاة طريقة تفكير الدماغ البشري.

ويُستخدم في تطبيقات معقدة مثل توليد الصور، وتحليل المشاعر، والتعرف على الأصوات، وترجمة النصوص بدقة فائقة.

 

ولم تعد الاستفادة منه مقتصرة على الشركات الكبرى، بل باتت الشركات الصغيرة والمتوسطة قادرة أيضاً على توظيف هذه التكنولوجيا لرفع إنتاجيتها، خفض تكاليفها، وتحقيق نمو مستدام.

نماذج الذكاء الاصطناعي هي أنظمة برمجية تتعلم من كميات هائلة من البيانات لتتعرف على الأنماط، وتتخذ قرارات، أو تقدم تنبؤات دون تدخل بشري مباشر في كل مرة.

3cc22ec9 28e2 4673 9975 893690e2204d Detafour

تتكون هذه النماذج من بيانات تدريب وخوارزميات، والتي تعمل كمجموعة من القواعد لتحليل البيانات واستخلاص النتائج. فكلما زادت جودة البيانات، ارتفعت دقة النموذج.

يمكن لهذه النماذج تنفيذ مجموعة واسعة من المهام، مثل تحليل الحملات التسويقية، توليد الأكواد البرمجية، التعرف على النصوص والأرقام، وأتمتة إدخال البيانات.

تبدأ العملية بتحديد مهمة واضحة، ثم جمع بيانات ملائمة، يليها تدريب النموذج باستخدام الخوارزميات المناسبة.

3 فئات رئيسية لنماذج الذكاء الاصطناعي

1- التعلم المراقب

– يُعد هذا النمط من التعلم هو الأكثر شيوعًا واستخدامًا، خاصة في التطبيقات التي تتطلب دقة عالية.

– في هذا النموذج، تُزود الخوارزميات ببيانات مُصنفة مسبقًا -أي بيانات تحتوي على مدخلات ومخرجات معروفة – ما يشبه وضع “عجلات تدريب” للآلة، تساعدها على محاكاة السلوك البشري واتخاذ قرارات دقيقة.

– تُستخدم نماذج التعلم المراقب في تطبيقات مثل: التعرف على النصوص والصوت، وتصفية البريد العشوائي، واكتشاف الاحتيال المالي.

2- التعلم غير المراقب

– هنا تُزال “عجلات التدريب”؛ إذ لا توجد بيانات مُصنفة، ويُترك للنموذج حرية استكشاف الأنماط والعلاقات الخفية داخل البيانات.

 – يُستخدم هذا النوع لاكتشاف البنى الداخلية للبيانات دون تدخل بشري، ما يجعله مثاليًا في مجالات تتطلب التحليل الاستكشافي.

– من أبرز تطبيقاته: تحليل الاتجاهات في الأسواق، وتصنيف العملاء أو المنتجات، وتحليل مشاعر مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.

3- التعلم المعزز

– في هذا النموذج، يُمنح الذكاء الاصطناعي هدفًا واضحًا، ويبدأ في اتخاذ قرارات تدريجية لتحقيق هذا الهدف من خلال آلية المكافأة والعقاب.

– يتعلم النموذج من التجربة، ويتطور ذاتيًا ليحسن أداءه بمرور الوقت.

– ومن أشهر تطبيقات هذا النمط؛ التوصية بالاستثمارات المالية، وبرمجة الروبوتات واتخاذ قرارات القيادة الذاتية، وألعاب الذكاء الاصطناعي واستراتيجيات التسويق المتقدمة.

 

تُشبه الخوارزميات هنا الخلايا العصبية في الدماغ البشري، وتُشكّل ما يُعرف بـ “الشبكات العصبية الاصطناعية”. ومع التكرار والتعلم، يطوّر النموذج قدرته على التعامل مع بيانات جديدة بكفاءة أعلى، ويتحول إلى كيان قادر على التعلم الذاتي المستمر.

تنقسم نماذج الذكاء الاصطناعي إلى ثلاث فئات رئيسية، تختلف من حيث طريقة تعاملها مع البيانات والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها.

أبرز نماذج الذكاء الاصطناعي

ChatGPT

– وُلِدَ شات جي بي تي من شركة أوبن إيه آي، ليتربع على عرشِ روبوتات المحادثة شهرةً وانتشارًا.

– إنه الساحر الذي ينسج الكلمات ليُولد المحتوى من عدم، ويُبرمج الشيفرات بدقة وإتقان، ويُكثف الوثائق ليُقدم لك الخلاصة.

Midjourney

– إذا كانت الرؤية هي البداية، فإن Midjourney هو الريشة التي تُحول النصوص إلى لوحات فنية نابضة بالحياة.

– إنه الأداة المثلى للمُعلنين والمُبدعين البصريين، يمنحهم القدرة على تصميم المواد الإعلانية والمحتوى المرئي بسرعة البرق وكفاءة لا تُضاهى، مُجسدًا الخيال في أبهى صوره.

Quillbot

– يُعد Quillbot في عالم النصوص، بمثابة المساعد الذكي الذي يُعيد للنصوص رونقها وبهاءها.

– إنه ليس مجرد مُحرر، بل هو شريكك في الصياغة، يُعيد بناء الجمل بأساليب متنوعة، ويُصحح هفوات القواعد بدقة المُدقق اللغوي، ويتحقق من أصالة المحتوى ليحميك من شبح الانتحال، كما يُلخص النصوص المطولة ليُقدم لك الخلاصة بوضوح.

CapCut

– يُعد CapCut الأداة المثالية للمؤسسات التي تسعى لترك بصمة مرئية قوية دون تكبد عناء الإنتاج المُعقد.

– إنها أداة تحرير فيديوهات تُسخر الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى مرئي سريع، ومؤثر، وجذاب، وبتكلفة مُيسرة، لتُصبح القصص المرئية في متناول اليد.

Hugging Face

– تُعد منصة Hugging Face في مجال البحث والتطوير، كمنارة للعاملين في مجال معالجة اللغة الطبيعية.

– إنها الفضاء المفتوح الذي يُتيح بناء النماذج واختبارها ونشرها بيسر وسهولة، لتُصبح التطبيقات الذكية والابتكارات اللغوية في متناول الباحثين والمطورين، لتعزز آفاق الفهم والتفاعل بين الإنسان والآلة.

 

ويعد فهم هذه الأنواع وإتقان استخداماتها المختلفة خطوة محورية للمؤسسات التي تسعى إلى التميز في بيئة عمل تنافسية وسريعة التغير.

لم يعد الحديث عن الذكاء الاصطناعي ترفاً نظرياً، بل أصبح ضرورة استراتيجية تمثل حجر الزاوية في بناء هوية الشركات الرائدة. المؤسسات التي تُدرك أهمية هذه النماذج، وتُحسن توظيفها، ستتمكن من فتح آفاق جديدة من الإنتاجية والابتكار.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى