الشركاتاقتصاد المغرب

من الخوف إلى الثقة: كيف غيّرت البورصة مسار شركة “دَاري كُسْبَاتْ”؟

يُشارك حسن خليل، المدير العام لشركة “دَاري كُسْبَاتْ”، ذكرياته عن المخاوف والتساؤلات التي كانت تُراود عائلته قبل اتخاذ قرار دخول البورصة.

ففي عالم الأعمال، غالباً ما يُنظر إلى البورصة على أنها حِكر على الشركات العملاقة والصناعات مُتعددة الجنسيات.

وقليلٌ من الشركات فقط هي التي ترى في البورصة خياراً واضحاً، بينما يَنظر إليها البعض الآخر بعين الشك والقلق، لأسباب قد تكون غير منطقية في كثير من الأحيان.

هذا بالضبط ما كانت عليه الحال مع “دَاري كُسْبَاتْ” في بداية رحلتها نحو البورصة.

في لقاءٍ جمعه بمجموعة من الصناعيين، روى حسن خليل، نجل مؤسس الشركة محمد خليل، قصة هذا النجاح، حيث قال: “في البداية، لم نكن نُفكر في البورصة كخيار مُتاح لنا.

كنا نود استكشاف جميع الخيارات المُمكنة، بما في ذلك إمكانية بيع الشركة، مع الأخذ في الاعتبار بدائل أخرى مثل جذب مستثمر من صندوق استثماري.

و كانت البورصة بالنسبة لنا عالماً غامضاً ومُعقداً، حِكراً على فئة مُعينة من الشركات. كانت لدينا مخاوف كثيرة، مثل الكشف عن معلومات عملائنا، وزيادة مُتطلبات الشفافية، والالتزامات التنظيمية، وغيرها”.

Dari Couspate engage une acquisition stratégique des Grandes Semouleries du  Maroc - Médias24 numéro un de l'information économique marocaine

لكن المفاجأة كانت في موقف الوالد محمد خليل، الذي كان مُتحمساً للفكرة على عكس أبنائه المُترددين. ويتذكر حسن خليل قائلاً: “لقد اقتنع والدي بسرعة بمزايا الإدراج في البورصة، وكان هذا كافياً لاتخاذ القرار”.

وبالنظر إلى تاريخ الصناعة الزراعية الغذائية، نجد أن لها علاقة طويلة الأمد مع الأسواق المالية. فمنذ عام 1873، قامت شركة نستله بإدراج أسهمها في بورصة زيورخ، مما يُمثل بداية علاقة وثيقة بين هذا القطاع والتمويل البورصي. وعلى مدى أكثر من قرن، لعبت البورصة دوراً محورياً في تطوير هذه الصناعة، وخاصة في تمويل البنية التحتية الحيوية مثل المسالخ وشبكات الإمداد.

اليوم، تُساهم الصناعة الزراعية الغذائية بحوالي 25% من القيمة المضافة للصناعة المغربية، وتلعب دوراً هاماً في الاقتصاد الوطني، بل إنها تتفوق على بعض القطاعات الرائدة الأخرى مثل صناعة السيارات. ومع ذلك، لا يزال عدد قليل من شركات هذا القطاع يلجأ إلى البورصة كمصدر للتمويل. لكن شركات رائدة مثل “دَاري كُسْبَاتْ” و”كارتييه سعادة” كسرت هذا الحاجز.

و يُعتبر تحسين الحوكمة أحد أهم الآثار الإيجابية التي تحققت بعد دخول “دَاري كُسْبَاتْ” إلى البورصة. فقد تم إدخال مُديرين مُستقلين إلى مجلس الإدارة، وهو ما لم يكن وارداً من قبل.

وقد أدى ذلك إلى تغيير طريقة التفكير في الشركة، حيث أصبحت القرارات تُتخذ بشكل أكثر عقلانية وتخطيطاً، وأصبح هناك تركيز أكبر على الشفافية والمساءلة. ويؤكد حسن خليل قائلاً: “لقد أصبحت حوكمة الشركة أكثر احترافية، وحققنا مكاسب كبيرة على مستوى الشفافية والهيكلة”.

هذا التطور يُعتبر بالغ الأهمية بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث أن فرق الإدارة فيها غالباً ما تكون مُنهمكة في تسيير العمليات اليومية، وقد لا تجد الوقت الكافي للتفكير في القرارات الاستراتيجية على المدى الطويل.

Dari en Bourse | Dari

إن وجود حوكمة رشيدة، مدعومة بقواعد السوق، يُساعد هذه الشركات على تعزيز قدرتها على الصمود في وجه التحديات، ويضمن لها الاستدامة والنمو.

كما منحت البورصة شركة “دَاري كُسْبَاتْ” مصداقية كبيرة على المستويين المصرفي والتجاري. ففي تعاملاتها مع المؤسسات المالية، ومع العملاء والشركاء التجاريين، وحتى مع الإدارات الحكومية، أصبحت الشركة تحظى بتقدير أكبر، وأصبحت أبواب التعاون معها مفتوحة على مصراعيها، وخاصة على المستوى الدولي.

لقد أثبتت “دَاري كُسْبَاتْ” أن البورصة ليست حِكراً على الشركات الكبيرة فقط. صحيح أن دخول البورصة يتطلب بعض الشروط، مثل وجود إدارة مُتطورة وشفافية في البيانات المالية، لكنه في المقابل يُقدم مزايا جمة، مثل سهولة الحصول على التمويل، وتحسين الحوكمة، وزيادة المصداقية، والانتشار والشهرة.

اليوم، تُحقق “دَاري كُسْبَاتْ” رقم معاملات يقارب 900 مليون درهم، وتبلغ قيمتها السوقية مليار درهم. وتواصل الشركة تحقيق النمو من خلال عمليات استحواذ ناجحة ومُربحة.

ويُنظر إليها في البورصة كشركة ذات إدارة جيدة، تعمل في قطاع واعد، ولها علامة تجارية معروفة ومُحترمة في كل أنحاء العالم.

يبقى الطموح هو زيادة سيولة سهم الشركة في البورصة، حتى يُصبح أكثر جاذبية للمستثمرين.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى