ميتا تلغي برنامج تدقيق الحقائق: خطوة نحو حرية التعبير أم تجنب للصراعات السياسية؟
في قرار مفاجئ أعلنته شركة ميتا، المالكة لمنصتي فيسبوك وإنستجرام، قررت الشركة إلغاء برنامج “تدقيق الحقائق” الذي كان يُستخدم لمكافحة الأخبار الزائفة والمضللة على منصاتها.
وفي بيان له، أعلن “مارك زوكربيرج”، الرئيس التنفيذي للشركة، أن ميتا ستنهي هذه الخدمة وتلغي القواعد المقيّدة لحرية التعبير في منصاتها، وذلك في خطوة تهدف إلى استعادة حرية التعبير وتقليل القيود المفروضة على المستخدمين.
وأوضح زوكربيرج قائلاً: “سنعود إلى جذورنا، وسنركز على تقليل الأخطاء، وتبسيط سياساتنا، واستعادة حرية التعبير عبر منصاتنا”.
وأضاف زوكربيرج أن ميتا ستتخلص من مدققي الحقائق، وستستبدلهم بنظام “ملاحظات المجتمع” الذي يعتمد على تقارير المستخدمين، مشابهًا لنظام منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، على أن يبدأ التنفيذ من الولايات المتحدة.
هذا الإعلان الذي جاء في وقت حساس، مع قرب تنصيب الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” في 20 يناير الجاري، أثار تساؤلات عديدة حول توقيت اتخاذ هذا القرار.
عدد مستخدمي منصة فيسبوك في الولايات المتحدة |
|
السنة |
عدد المستخدمين |
2020 |
235.4 |
2021 |
239.9 |
2022 |
243.2 |
2023 |
246.7 |
2024 |
250.2 (توقعات) |
2025 |
253.5 (توقعات) |
هل هو فعلاً لمصلحة حرية التعبير، أم هو محاولة من ميتا للتماهي مع الإدارة الجديدة والإفلات من الانتقادات السياسية التي يواجهها زوكربيرج وشركته؟
تعود جذور الخلاف بين “دونالد ترامب” وميتّا إلى سنوات مضت، وخاصة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016.
ففي تلك الفترة، تعرضت فيسبوك لانتقادات شديدة بسبب دورها في نشر الأخبار المضللة والدعاية السياسية، لا سيما تلك المتعلقة بتدخل روسيا في الانتخابات.
و كانت هناك اتهامات بأن فيسبوك لم تتخذ إجراءات كافية لمكافحة التضليل، وهو ما اعتبره البعض عاملاً مساعدًا في فوز ترامب آنذاك.
ومع بداية فترة رئاسته الأولى، اتخذت ميتا خطوات أكثر تشددًا في مكافحة الأخبار الكاذبة، وهو ما دفع ترامب إلى اتهام منصات التواصل الاجتماعي، بما فيها فيسبوك، بممارسة الرقابة ضد التيار المحافظ.
وبعد أحداث اقتحام الكابيتول عام 2021، حظر فيسبوك حسابات ترامب، وهو ما اعتبره ترامب انتهاكًا لحرية التعبير.
منذ مغادرته البيت الأبيض، كثف ترامب انتقاداته لشركات التكنولوجيا الكبرى، بما في ذلك ميتا، متهمًا إياها بالتدخل في السياسة الأمريكية. في ظل هذه التصعيدات، أطلق ترامب شبكة اجتماعية جديدة باسم “تروث سوشيال” في عام 2022، كبديل لفيسبوك وتويتر.
في خطوة نحو إصلاح علاقاتها مع ترامب، سمحت ميتا في يناير 2023 بعودة حساباته على فيسبوك وإنستجرام مع فرض قيود معينة.
كما ألغت في يوليو 2023 تلك القيود، قائلة إنها تهدف إلى ضمان تمثيل سياسي عادل لجميع المرشحين.
منذ بداية تنفيذ برنامج “تدقيق الحقائق”، تعرضت ميتا لضغوط من جهات متعددة. فقد اعتبرت بعض الأصوات أن التدقيق قد يتحول إلى رقابة غير مباشرة على المحتوى، في حين طالب آخرون بمسؤولية أكبر من شركات التكنولوجيا الكبرى.
اليوم، يعتقد البعض أن ميتا تسعى من خلال هذا القرار إلى دعم حرية التعبير، في حين يرى آخرون أن الهدف هو تجنب التصعيد السياسي مع شخصيات مثل ترامب التي كانت من أكبر منتقدي سياسات ميتا.
البعض يعتقد أن هذه الخطوة تزيل الحواجز أمام تداول المعلومات بحرية، بينما تحذر منظمات حرية الصحافة من زيادة انتشار المعلومات المضللة.
في النهاية، يمكن القول إن خطوة ميتا بإلغاء “تدقيق الحقائق” تشكل تحولًا في استراتيجياتها للحد من الرقابة السياسية والمحتوى المضلل، مع محاولة واضحة للتماشي مع التوجهات السياسية الجديدة في الولايات المتحدة.
وبينما يراها البعض انتصارًا لحرية التعبير، يبقى السؤال مطروحًا حول كيفية معالجة ميتا للمحتوى المضلل في المستقبل، خاصة مع استمرار الدعوات إلى تنظيم أكبر من قبل الحكومات على شركات التكنولوجيا.