استهلت أسعار النفط العام الجديد بارتفاع ملموس مدفوعة بزيادة الطلب على وقود التدفئة مع موجة الطقس البارد التي تضرب أجزاءً من أوروبا، إلى جانب تأثيرات غير متوقعة للسياسات الأمريكية على السوق العالمية.
في العاشر من يناير، قبل أسابيع من عودة “دونالد ترامب” إلى البيت الأبيض، فرضت إدارة “بايدن” عقوبات مشددة على قطاع النفط الروسي، استهدفت شركات كبرى مثل “جازبروم نفت” و”سورجوتنفت جاز”، بالإضافة إلى 183 ناقلة بحرية ومقدمي خدمات لوجستية ومسؤولين في قطاع الطاقة.
هذه الخطوة رفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها خلال أربعة أشهر بسبب المخاوف من تعطيل الإمدادات إلى الصين والهند، ما قد يدفع هذه الدول إلى البحث عن بدائل في الشرق الأوسط وأماكن أخرى.
و تهدف العقوبات إلى تقليص إيرادات موسكو النفطية التي تُستخدم في تمويل العمليات العسكرية في أوكرانيا.
وردت روسيا بأن هذه العقوبات ستؤدي إلى زعزعة استقرار الأسواق العالمية، مؤكدة أنها ستعمل على تقليل تأثيرها.
وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تراجعت صادرات روسيا من النفط الخام ومنتجاته بمقدار 350 ألف برميل يوميًا في عام 2024، رغم ارتفاع عائداتها بنسبة 2% لتصل إلى 192 مليار دولار.
و تستخدم روسيا أسطولاً ضخماً من الناقلات لتجاوز العقوبات، لكن الإجراءات الأمريكية الأخيرة استهدفت نسبة كبيرة من هذا الأسطول. بيانات “جولدمان ساكس” تشير إلى أن السفن المتأثرة كانت تنقل 1.7 مليون برميل يوميًا، أي ربع صادرات روسيا النفطية.
ويرى محللون أن هذا سيؤدي إلى اضطرابات قصيرة الأجل، حيث تبحث الصين والهند عن مصادر بديلة للنفط، مع ارتفاع وارداتهما من دول مثل الإمارات وعُمان وأنجولا.
قبل فرض العقوبات الأخيرة، كان من المتوقع أن يسجل السوق فائضًا بنحو 400 ألف برميل يوميًا في 2025. لكن الآن، يرى محللون أن فقدان الإمدادات الروسية قد يمحو هذا الفائض.
وفقًا لتقديرات “جولدمان ساكس”، إذا استمر التراجع في الإمدادات الروسية بمقدار مليون برميل يوميًا، فقد ترتفع أسعار خام برنت إلى مستويات تتجاوز 85 دولارًا للبرميل في المدى القصير.
و مع استعداد “ترامب” لتولي الرئاسة مجددًا، يُتوقع أن تشهد سياسة الطاقة الأمريكية تغييرات جذرية، مع دعمه المتزايد للوقود الأحفوري. وقد تتسبب الرسوم الجمركية والسياسات التجارية الجديدة في ضغوط على الاقتصاد العالمي، مما قد يدفع بأسعار النفط إلى مستويات منخفضة على المدى الطويل.
تشير تقديرات “جولدمان ساكس” إلى احتمال انخفاض أسعار خام برنت إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل بحلول نهاية 2026 إذا فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية شاملة بنسبة 10%.
يبقى سوق النفط مرهونًا بالعوامل الجيوسياسية، حيث تلعب العقوبات، السياسات الأمريكية، واستراتيجيات المنتجين العالميين أدوارًا رئيسية في تحديد مستقبل الأسعار والتوازنات السوقية خلال العام الجاري.
