رغم انخفاض التضخم: لماذا لا يشعر المغاربة بتحسن الأسعار؟
على الرغم من انخفاض معدل التضخم بشكل ملحوظ، كما أعلنه بنك المغرب، حيث انخفض إلى 2% بعد أن تجاوز 10% في السنة الماضية، إلا أن الأسر المغربية لا تزال غير قادرة على الشعور بآثار هذا التراجع على تكاليف المعيشة، إذ تبقى الأسعار مرتفعة، وما زالت تواصل الضغط على ميزانية الأسر.
ساهم قرار رفع الدعم عن عدد من المواد الغذائية، دون خلق بيئة مناسبة لضمان منافسة حقيقية في الأسواق، في زيادة الأسعار بشكل ملحوظ.
وتعد الأسر الفئة الأكثر تضررا من سياسة التحرير التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة، دون أن يكون هناك تصور واضح حول كيفية تنظيم الأسواق وآليات عملها.
ورغم أن الظروف المناخية والأزمات الجيوسياسية قد أثرت بشكل كبير على الأسعار العالمية، مما تسبب في تضخم مستورد وزيادة أسعار بعض المنتجات المحلية بسبب ارتفاع تكاليف المواد الأولية، فإن الزيادات التي شهدتها الأسواق المحلية تبقى غير مبررة، خاصة بعد تراجع التضخم في الأسواق الدولية.
هذا الوضع استغله البعض لتحقيق أرباح غير مبررة على حساب المستهلكين.
لقد شهدت أسعار العديد من المنتجات الأساسية في المغرب زيادات غير مسبوقة، ما أثار استياء المواطنين.
فعلى سبيل المثال، ارتفع ثمن التين الشوكي (الكرموس الهندي) ليصل إلى 8 دراهم للحبة بعد أن كان ثمنه لا يتجاوز 50 سنتيما قبل سنوات.
كما ارتفعت أسعار زيت الزيتون بشكل حاد، حيث وصل سعر اللتر إلى 120 درهما بعد أن كان في حدود 45 درهما. الدجاج، الذي يعتبر من منتجات الفقراء، شهد هو الآخر زيادات ملحوظة ليصل سعره إلى 30 درهما، في حين أصبحت اللحوم الحمراء بعيدة عن متناول فئات واسعة من المجتمع بعدما وصل سعر الكيلوغرام إلى 120 درهما.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت أسعار الفواكه زيادات حادة، مثل البطيخ الأحمر (الدلاح)، الذي أصبح سعره يتجاوز 5 دراهم للكيلوغرام، مما دفع العديد من الأسر إلى تغيير عادات استهلاكها.
حتى أسعار البصل، الذي كان يعتبر منتجا رخيصا، قفزت لتصل إلى 3 دراهم في أفضل الأحوال، بينما قد تتجاوز 10 دراهم في أوقات ذروة الطلب.
ويعتقد الجميع، من المواطنين إلى المؤسسات الرسمية، أن المسؤولية عن هذا الارتفاع الكبير في الأسعار تقع على عاتق الوسطاء.
فقد أكدت دراسة أجراها المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول المنتجات الفلاحية أن سلسلة تسويق المنتجات الفلاحية تعرف وجودا كبيرا للوسطاء الذين يشكلون حلقة حاسمة في عملية التسويق.
وتضم هذه الفئة تجار التجميع، السماسرة، تجار الجملة، تجار نصف الجملة، هيئات التخزين البارد، المؤسسات التعاونية، فضلا عن تجار التقسيط والمساحات التجارية الكبرى.
وأوضحت الدراسة أن تعدد الوسطاء غير المنتجين للقيمة، دون تنظيم أو تأطير، له تأثير كبير على عملية تسويق المنتجات الفلاحية.
ويؤدي هذا التعدد إلى تضخم الأسعار نتيجة للمضاربة، ما يؤثر سلبا على المنتج والمستهلك على حد سواء، خصوصا في ما يتعلق بتسويق الفواكه والخضروات، حيث تفتقر السوق إلى الرقابة المستمرة والفعالة.
وأكدت الدراسة أن الأسعار قد تتضاعف ثلاث أو أربع مرات بسبب هذا الوضع، مشيرة إلى أن غياب التنظيم القانوني في هذا المجال يتسبب في تضرر المنتجين، خاصة الصغار منهم، الذين لا يستفيدون بالشكل الأمثل من القيمة المضافة لمنتجاتهم.
في المقابل، يحقق الوسطاء أرباحا ضخمة بفضل هذا التضخم في الأسعار.