القطاعات غير الزراعية تقود انتعاش الاقتصاد المغربي في 2024 وتُبشر بمستقبل مشرق في 2025
شهد الاقتصاد المغربي انتعاشًا ملحوظًا في النصف الثاني من عام 2024، مدفوعًا بشكل أساسي بالقطاعات غير الزراعية، مع توقعات إيجابية باستمرار هذا النمو خلال عام 2025.
و بعد فترة من التباطؤ في النصف الأول من عام 2024، أظهر الاقتصاد الوطني مرونة وقدرة على التعافي في الربع الثالث، حيث سجلت الأنشطة غير الزراعية نموًا فاق التوقعات، بنسبة 5.1% مقارنة بـ 3.2% في النصف الأول.
كما يعكس هذا الانتعاش تحسنًا في استخدام القدرات الإنتاجية وزيادة في الأنشطة الصناعية والتجارية، كما أكدتها الاستطلاعات الحديثة.
كما ساهم ارتفاع الطلب في الأسواق الأوروبية والآسيوية في قفزة نوعية لصادرات المغرب بنسبة 9.8% في الربع الثالث من 2024، مقارنة بـ 7.8% في الربع السابق.
و استفادت من ذلك عدة صناعات محلية، كالصناعات الاستخراجية والكيميائية والإلكترونية وصناعة السيارات والنسيج، حيث سجلت نموًا ملحوظًا في قيمها المضافة بنسب تتراوح بين 5.3% و18.2%.
كما شهد قطاع الخدمات تسارعًا بنسبة 3.8% بفضل تحسن الطلب المحلي، حيث ارتفع استهلاك الأسر بنسبة 3.9%، والاستثمارات بنسبة 13.5%، مما يعكس جهود الشركات الخاصة لتحديث قدراتها الإنتاجية وتطوير البنية التحتية.
نتيجة لهذه التطورات، سجل الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 4.3% في الربع الثالث من 2024، مقارنة بـ 2.4% في النصف الأول.
و ساهم هذا النمو في تحسن طفيف في معدل التوظيف ليصل إلى 37.6%، مع الإشارة إلى أن معدل البطالة لا يزال مرتفعًا فوق 13%.
كما رافق هذا الانتعاش الاقتصادي زيادة في احتياجات التمويل بلغت 3.8% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث.
ورغم تحسن الادخار الخاص، إلا أن وتيرة نمو الاستثمارات كانت أسرع، مما أدى إلى زيادة في ديون الحكومة والشركات.
تشير التوقعات إلى استمرار النمو الاقتصادي في المغرب خلال عام 2025، مدفوعًا بالأنشطة غير الزراعية والطلب المحلي القوي.
و من المتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 3% في الربع الرابع من 2024، مع إمكانية تسارعه إلى 3.5% في الربع الأول من 2025، بشرط استقرار الظروف المناخية.
كما تتوقع المندوبية السامية للتخطيط استمرار الأنشطة غير الزراعية في النمو بوتيرة أعلى من المعدلات المسجلة بعد جائحة كوفيد-19، لتستقر تدريجيًا عند 3.7% و3.5% في الربعين الرابع والأول من 2025 على التوالي.
كما يتوقع أن يظل الطلب المحلي المحرك الرئيسي للنمو بنسبة 5.4% في الربع الرابع.
من المتوقع أن يشهد الاستثمار الخاص بعض التباطؤ نتيجة لارتفاع الأجور وزيادة التكاليف، بينما سيستمر الاستثمار العام، خاصة في مشاريع البنية التحتية المتعلقة بالفعاليات الرياضية الكبرى ومشاريع تحلية المياه، في دعم نمو الاستثمارات بنسبة 9.8% في الربع الرابع من 2024 و8.8% في الربع الأول من 2025.
على صعيد التجارة الخارجية، يتوقع أن تشهد الصادرات زيادة بنسبة 7.1% في الربع الأول من 2025، بينما ستنمو الواردات بوتيرة أقل نتيجة لتباطؤ الطلب المحلي.
أما بالنسبة للتضخم، فمن المتوقع أن تبقى الضغوط التضخمية معتدلة، حيث يتوقع ارتفاع أسعار المستهلك بنسبة 0.7% في الربع الرابع من 2024، مقارنة بـ 1.3% في الربع السابق.
تشير المؤشرات الاقتصادية إلى أن الاقتصاد المغربي يسير على الطريق الصحيح للحفاظ على زخم نموه خلال عام 2025، مدعومًا بتحسن الطلب المحلي واستقرار الوضع الخارجي، على الرغم من بعض التحديات المتعلقة بتباطؤ الأنشطة الزراعية والتضخم المعتدل.