كيف يمكن للرسوم الجمركية الأميركية أن تعيد تشكيل الاقتصاد الصيني؟
يبدو أن القرارات الاقتصادية المرتقبة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، والتي تشمل فرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات من الصين ودول أخرى مثل كندا والمكسيك، ستؤدي إلى تأثيرات واسعة النطاق على الاقتصاد العالمي.
وفقًا لتوقعات وكالة “فيتش”، فإن هذه الرسوم قد تعيد تشكيل السياسات الاقتصادية في الصين بطريقة تعزز الاقتصاد المحلي.
تتوقع “فيتش” أن تصل الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 35% بحلول منتصف عام 2025 مقارنة بـ10% حاليًا.
هذا القرار سيؤدي إلى إضعاف الصادرات الصينية بشكل كبير، مما يضيف تحديات إلى اقتصاد يعاني بالفعل من ضعف في الطلب المحلي، تراجع القطاع العقاري، وارتفاع مستويات الاستدانة.
من الجدير بالذكر أن قيمة الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بلغت 401.4 مليار دولار خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر 2024، مما يعكس الأهمية الكبرى للسوق الأميركية بالنسبة للصين. ورغم ذلك، يظل الميزان التجاري يميل لصالح الصين، ما يعزز التوترات التجارية بين البلدين.
في مواجهة هذه التحديات، تتجه الصين إلى تعزيز سياساتها النقدية والمالية لتحفيز الاقتصاد المحلي. أعلن بنك الشعب الصيني عن خطط لتخفيض أسعار الفائدة بما يتجاوز 25 نقطة أساس في عام 2025، إضافة إلى تبني سياسة نقدية “مرنة ومعتدلة” لدعم الطلب المحلي وتحفيز النمو.
ومع ذلك، تشير “فيتش” إلى أن انخفاض ثقة المستهلكين والشركات قد يحد من فاعلية هذه التدابير.
رغم التحديات، تستفيد بعض القطاعات في الصين من زيادة الاستثمار وتحديث التصنيع، بما في ذلك الطيران، السيارات، التكنولوجيا الحيوية، والإلكترونيات المتقدمة.
ومع ذلك، فإن زيادة الحواجز التجارية الأميركية تضع ضغطًا إضافيًا على القطاعات التكنولوجية التي تعتمد على التصدير.
تتوقع “فيتش” أن يتباطأ النمو الاقتصادي في الصين إلى 4.3% عام 2025 بعد تحقيق 4.8% في 2024. ورغم ذلك، يظل الرئيس الصيني شي جين بينغ متفائلًا بنمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 5% خلال 2024.
لكن العجز الحكومي في الصين قد يتسع بشكل ملحوظ، متجاوزًا التوقعات السابقة التي بلغت 7.1% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024.
هذا الوضع سيبقي الدين الحكومي على مسار تصاعدي، مما يشكل تحديًا لتصنيف الصين الائتماني (A+) الذي يحمل نظرة مستقبلية سلبية.
سيكون لزيادة الرسوم الجمركية الأميركية تداعيات كبيرة على الاقتصاد الصيني، لكنها قد تدفع السلطات الصينية لتكثيف جهودها لدعم الاقتصاد المحلي وتحفيز الطلب الداخلي.
ومع أن هذه السياسات قد تواجه عقبات مثل ضعف ثقة المستهلكين، إلا أنها توفر فرصة لإعادة توجيه الاقتصاد نحو مزيد من الاستدامة والاستقلالية.