مع بداية عام 2025، تظهر بعض المؤشرات الاقتصادية التي تبعث على التفاؤل، فالتضخم في تراجع، وأسعار البنزين والمواد الأولية ضمن مستويات معقولة، في حين أن الأجور تنمو بمعدل يفوق أسعار السلع، مما يفتح بابًا لزيادة الاستهلاك ودفع عجلة الاقتصاد.
لكن، رغم هذه الإيجابيات، يظل هناك قلق كبير حول أسواق الأصول، وخاصة في ظل انتعاش سوق الأسهم الأمريكية والارتفاع الكبير في قيم الأصول.
تتفق العديد من التقارير الاقتصادية على أن الأسس الاقتصادية في الولايات المتحدة قوية، مما ساعد في تخفيف المخاوف من الركود الذي كانت سائدة في عام 2024.
لكن في المقابل، بدأت تظهر تساؤلات حول ما إذا كان الانتعاش في سوق الأسهم سيستمر أم أنه مجرد مرحلة مؤقتة قبل حدوث تصحيح أو حتى انفجار فقاعة.
“ديفيد كيلي”، كبير خبراء التخطيط الاستراتيجي في “جي بي مورغان”، يعبّر عن قلقه إزاء “فقاعة” قد تنفجر في وقت لاحق. ويشير إلى أن الكثير من الأصول، لا سيما في سوق الأسهم الأمريكية والعملات المشفرة، قد تكون مبالغًا في تقييمها، مما يعزز مخاوفه بشأن الاستثمارات في هذه الأسواق.
و يذكر كيلي أن تاريخ الفقاعات الاقتصادية، مثل “فقاعة دوت كوم”، يُظهر أن قيمة الأصول يمكن أن تظل مرتفعة لفترة طويلة قبل أن تظهر علامات الانفجار.
ومن جهة أخرى، يؤكد الخبراء أن السوق الأمريكي شهد نموًا غير مسبوق في الأعوام الأخيرة. ففي 2024، ارتفعت قيمة سوق الأسهم الأمريكية لتصل إلى نحو 70% من إجمالي الأسهم العالمية، مما يعكس ضخ المزيد من الأموال المحلية والعالمية في السوق الأمريكي على حساب الأسواق الأخرى.
وبالرغم من ذلك، تظهر بعض المؤشرات علامات تباطؤ في نمو المؤشرات الكبرى مثل “ستاندرد آند بورز 500″، الذي سجل زيادة بمعدل 26% في 2024، لكنه شهد تباطؤًا ملحوظًا في النصف الثاني من العام.
هناك قلق خاص من الأسهم التكنولوجية التي شهدت ارتفاعات كبيرة، حيث شهدت أسهم “ناسداك” في 2024 زيادة بنسبة 29%، بعد أن قفزت بنسبة 43% في 2023. لكن هؤلاء الذين يتابعون أداء الشركات الكبرى مثل “ألفابت”، “آبل”، “تسلا” وغيرها، يرون أن هذه الزيادة غير مبررة في ظل المبالغة في تقييم هذه الشركات مقارنة بأرباحها.
ووفقًا لتقرير صادر عن “يو بي إس”، فإن السوق الأمريكي قد يستمر في الارتفاع بنسبة 15-20% في المستقبل القريب، لكن هناك خطرًا في أن تكون هذه الارتفاعات مؤقتة وأن تتكشف الفقاعة في أي وقت.
التقرير يشير إلى أن المنطق السائد بأن “الأمر مختلف هذه المرة” هو نفسه الذي كان سائدًا قبل انفجار فقاعات سابقة في تاريخ السوق.
وبالنسبة للمستثمرين البارزين مثل “وارين بافيت”، فقد قرر التخفيف من حصصه في الأسهم الكبرى، وعلى رأسها “آبل”، وتحويل جزء كبير من محفظته إلى السيولة النقدية، مما يعكس توقعه بأن السوق قد يواجه هبوطًا قريبًا.
ويتابع الخبراء في مجالات الاقتصاد وقطاع السلع الفاخرة مثل “إل في إم إتش” أن انخفاض مبيعات هذه السلع قد يكون مؤشرًا آخر على حدوث تصحيح في السوق.
و في الوقت نفسه، يرى بعض المحللين مثل “إد يارديني” أن التوقعات تشير إلى أن أي انخفاض في السوق الأمريكي لن يتجاوز 10-15% وقد يكون تصحيحًا طبيعيًا يعيد ترتيب الأوضاع.
بالمجمل، تبدو احتمالات حدوث تصحيح في السوق الأمريكي مرتفعة في ظل النمو غير المتوازن للأسواق، ولكن توقيت هذا التصحيح يظل موضوعًا للجدل بين الخبراء.
