الاقتصاديةالأسهمتكنولوجيا

التكنولوجيا وتحدياتها في عالم تداول الأسهم

في السابق، كان التواصل بين السماسرة والمتداولين يعتمد على المكالمات الهاتفية التقليدية، حيث قد يحتاج السمسار إلى الاتصال بالعميل على رقم هاتفه الأرضي، ليتداولا حول استثماراته في سوق الأسهم. كان هذا يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين، وكانت عملية اتخاذ القرارات في تداول الأسهم معقدة.

ومع توغل التكنولوجيا، تغير هذا الواقع بشكل جذري، حيث أصبح التداول عبر الإنترنت والتطبيقات المتنوعة يوفران وسيلة أسهل وأسرع للتواصل وتنفيذ الصفقات، لكن هذا التحول التكنولوجي له جانبان: إيجابي وسلبي.

التكنولوجيا أصبحت جزءًا لا يتجزأ من عالم تداول الأسهم، حيث أظهرت الدراسات أن 75% من التداولات في البورصة الأمريكية تتم عبر الإنترنت، كما أن 60% من البورصات العالمية تعتمد على التداول الآلي.

وأصبح 40% من المتداولين يستخدمون تطبيقات التحليل المالي، بينما تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في 15% من عمليات البورصات العالمية. هذه التطورات أسهمت في تخفيض تكاليف التداول بنحو 30%، وساهمت في تسريع العمليات بنسبة 90% باستخدام أنظمة التداول الآلي.

6eb4c312 3da2 48a3 a25e b11ae9649f75 Detafour

ومع ذلك، فإن الفوائد لا تتوقف عند هذا الحد، حيث ساعدت التكنولوجيا في رفع حجم التداول بنسبة 40%، كما قللت من الأخطاء البشرية في البورصات بنسبة 80%.

كما أن هذه التطورات سهلت وصول فئات جديدة من المتداولين إلى السوق، بما في ذلك الأفراد الشباب وذوي رؤوس الأموال المحدودة.

و على الرغم من هذه الفوائد، فإن استخدام التكنولوجيا في سوق الأسهم لم يكن خاليًا من العواقب السلبية.

و من أبرزها زيادة عمليات المضاربة بشكل لافت، والتي ارتفعت بنسبة 60% بين 2019 و2024. غالبًا ما يتم دمج المحافظ المالية التي تشمل الأسهم والعملات المشفرة، وهو ما يعزز من ممارسات المضاربة قصيرة المدى، مما يعرض الأسواق لمخاطر عدم الاستقرار.

كما رصدت الهيئات التنظيمية في أسواق المال زيادة كبيرة في حالات التلاعب بالأسعار بنسبة 20%، فضلاً عن ارتفاع الهجمات السيبرانية على البورصات العالمية بنسبة 300% في السنوات الأخيرة، مما يهدد استقرار الأسواق بشكل كبير.

الأثر الأكثر وضوحًا كان في تقلبات السوق، التي وصفها “وارن بافيت” بأنها أصبحت تشبه “المقامرة” أو “المزادات غير المنطقية”، إذ يسعى المتداولون للاستثمار في الأسهم المرتفعة بغض النظر عن التحليل الفني أو تقييم قيمة الشركات.

و تُظهر التجارب الأخيرة، مثل حالة “غيم ستوب” الشهيرة، تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على السوق. ففي عام 2021، تمكن مستخدمو موقع “ريديت” من دفع سعر سهم شركة “غيم ستوب” إلى مستويات غير منطقية بسبب موجة إعلامية عبر الإنترنت، مما أدى إلى انهيار سعر السهم بعد فترة قصيرة.

هذه الظاهرة أدت إلى خسائر كبيرة للكثير من المتداولين الذين انخرطوا في هذه الموجة المتأخرة.

603da31e cb51 499d b7ef 3ceedf71e1d9 Detafour

التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي في التداول الآلي يطرح تحديات أكبر، حيث أسهم في زيادة التلاعب في الأسعار وتداول الأسهم الوهمي.

أدى هذا إلى انخفاض الثقة في السوق بنسبة 15-20% وزيادة الخسائر المالية لصغار المتداولين بنسبة 10-20%. كما زادت تقلبات السوق بنسبة 30% نتيجة لتسريع وتيرة التداول عبر الذكاء الاصطناعي.

بينما يستمر التقدم التكنولوجي في تحويل سوق الأسهم، فإن هناك تزايدًا في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بين المتداولين والمؤسسات على حد سواء، مع ميل أكبر بين الأجيال الشابة لاستخدام هذه الأدوات.

و في هذا السياق، يصبح من الضروري على المتداولين أن يكونوا أكثر استعدادًا لتحمل الضغوط النفسية التي تترتب على التقلبات السريعة للأسواق، بل وقد تتطلب هذه الحالة مزيدًا من القوة النفسية والثقة في التحليل لاتخاذ قرارات استثمارية مدروسة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى