إيليا سوتسكيفر: من الأزمة داخل أوبن إيه آي إلى تأسيس ثورة في الذكاء الاصطناعي الآمن
في واحد من أكثر الأحداث إثارة في قطاع التكنولوجيا، شهدت “أوبن إيه آي” العام الماضي أزمة مفاجئة بانقلاب مجلس إدارتها على مؤسسها والرئيس التنفيذي سام ألتمان.
قرار الإقالة أثار جدلًا واسعًا، ليس فقط بسبب رمزية “ألتمان” كشخصية محورية في تطوير الذكاء الاصطناعي، ولكن بسبب التراجع السريع عن القرار خلال أقل من أسبوع، تحت ضغوط المستثمرين والموظفين.
و كان واضحًا أن تدخلات مثل موقف مايكروسوفت – أحد أكبر المستثمرين في “أوبن إيه آي” – والتهديد الجماعي من موظفي الشركة بالرحيل، لعبت دورًا حاسمًا في إعادة “ألتمان”.
لكن خلف الكواليس، كان هناك شخصية محورية أخرى في القصة، وهي العالم الشهير إيليا سوتسكيفر، الذي أظهر نفوذًا كبيرًا خلال هذه الأزمة.
ولد عام 1986 في روسيا، ونشأ في كندا ليصبح أحد أبرز علماء الذكاء الاصطناعي. يُعرف بمساهماته في تطوير تقنيات التعلم العميق، وأبرزها أليكس نت (AlexNet)، الشبكة العصبية الثورية التي مهّدت الطريق للذكاء الاصطناعي الحديث.
و بعد أن عمل لدى “جوجل” في تطوير أدوات مثل تنسرفلو (TensorFlow)، شارك في تأسيس “أوبن إيه آي” عام 2015 وشغل منصب كبير العلماء.
سوتسكيفر قاد أيضًا مشروع “سوبر أليمنت” الطموح الذي يهدف إلى التعامل مع التحديات المستقبلية للذكاء الاصطناعي الفائق. ولإنجازاته، صُنف ضمن قائمة “أهم المفكرين” في الذكاء الاصطناعي لعام 2024 وفقًا لمجلة التايم.
لعب “سوتسكيفر” دورًا حاسمًا في التصويت لإقالة “ألتمان”، حيث اعتبر أن الأخير يدفع بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بشكل سريع وغير آمن.
وأثار هذا القرار إشادة من علماء بارزين مثل جيفري هينتون، لكنه سرعان ما أثار موجة ضغوط دفعت “سوتسكيفر” للتراجع عن موقفه.
ومع ذلك، يبدو أن العلاقة بين الرجلين لم تكن كما كانت، إذ اختار “سوتسكيفر” لاحقًا الرحيل عن الشركة، ليؤسس شركته الخاصة “سيف سوبر إنتلجينس”، التي تهدف إلى تطوير ذكاء اصطناعي آمن بعيدًا عن سباقات السوق التنافسية.
يرى “سوتسكيفر” أن الذكاء الاصطناعي الفائق يمكن أن يصبح “مدركًا” في المستقبل، مما يطرح تحديات غير مسبوقة. شركته الجديدة، التي حظيت بتمويل يتجاوز مليار دولار، تهدف إلى كسر الهيمنة الحالية للشركات الكبرى مثل “أوبن إيه آي”.
قصة “سوتسكيفر” مع “أوبن إيه آي” تمثل مواجهة بين الطموح العلمي والاعتبارات التجارية، وتسلط الضوء على التحديات الأخلاقية التي تواجه صناعة الذكاء الاصطناعي.
هل سيستطيع “سوتسكيفر” تقديم قفزة جديدة تبهر العالم؟ وهل ستبقى “أوبن إيه آي” على قمة هرم التكنولوجيا مع الحفاظ على مبادئ السلامة التي نادى بها؟ الوقت وحده سيكشف الإجابة.