تكنولوجيا

من تصوير الزفاف إلى مهام القتال: الدرونز وتحديات المستحيل

من تصوير حفلات الزفاف وأفلام السينما إلى تنفيذ المهمات العسكرية والدخول إلى قلب مناطق الصراعات، هكذا أصبح حال الطائرات المسيرة (الدرونز)، بعد أن كانت في السابق مجرد فكرة خيالية يمكن مشاهدتها بأحد أفلام التي تتحدث عن المستقبل.

ففي فيلم “عين السماء” (Eye in the Sky)، نُشاهد كيف تتحكم الطائرات المسيرة في ساحة المعركة الحديثة، حيث تقود تلك الطائرات لحظات التوتر والقرارات المصيرية من ارتفاع يناهز آلاف الأمتار.

تلك المشاهد في فيلم عين السماء، عكست فقط جانبًا واحدًا من جوانب التطور الهائل في تكنولوجيا الطائرات المسيرة، والتي لم تعد تقتصر على الأدوار العسكرية فقط، بل أصبحت تُستخدم في العديد من المجالات المدنية والصناعية.

بدأت فكرة الطائرات المسيرة في أوائل القرن العشرين، حيث كانت في البداية تُستخدم كأدوات للتدريب العسكري واستهداف الدفاعات.

ولكن منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى الآن، شهدت هذه الصناعة نموًا هائلًا، مع تطور تقنيات الاستشعار والتوجيه عن بُعد، وزادت دقة هذه الطائرات، ما جعلها جزءًا لا يتجزأ من جيوش الدول الكبرى.

وتصل القيمة المقدرة لسوق المسيرات العالمية في عام 2024 إلى 25.3 مليار دولار، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 133.6 مليار دولار بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي 13.4%، بحسب تقرير حديث لشركة الأبحاث “كاستم ماركيت إنسايتس”.

وأرجع التقرير نمو هذا السوق إلى زيادة الطلب على معدات المراقبة في العمليات العسكرية حيث تمنح الطائرات بدون طيار القوات المسلحة مزايا فريدة من خلال توفير الاستطلاع والمراقبة المحمولة جواً في الوقت الفعلي عبر مناطق جغرافية يصعب الوصول إليها.

كما أشار تقرير نشره موقع “سكاي كويست” إلى أن سوق المسيرات سيرتفع بنحو 25% بدءًا من العام الحالي وحتى عام 2031 ليصل حجم السوق إلى 166.7 مليار دولار مع نهاية تلك الفترة.

وتعمل الطائرات بدون طيار على تحسين الوعي بالموقف وجمع المعلومات وتحديد الهدف، ما يسمح باتخاذ قرارات أكثر كفاءة وتخطيط العمليات، كما أنها تقلل من تكلفة خوض الحروب إذا تعرضت للإصابة، إذ إن أسعارها أقل كثيرًا من الطائرات الحربية المعتادة.

وعلاوة على ذلك، تعمل على تقليل المخاطر المرتبطة بعمليات الاستطلاع المأهولة، ما يقلل من احتمالية إصابة الأفراد العسكريين.

ومع بروز التكنولوجيا بشكل كبير في الحروب والصراعات الحالية، لم تعد أدوار المسيرات تتوقف على المراقبة فقط، بل كثيرا ما تقصف الأهداف في المناطق التي تتزايد فيها مخاطر التدخل البشري.

لم تعد الحروب والمعارك تخاض حاليًا بالجنود والأسلحة التقليدية فقط، بل دخلت التكنولوجيا بقوة لتحدث تحولًا جذريًا في ساحة المعارك والمراقبة والاستخبارات، ولعل الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا أبرز نموذج على ذلك.

وأظهر سوق الطائرات المسيرة العسكرية نموًا قويًا، حيث انتقل من 15.8 مليار دولار في عام 2023 إلى 17.22 مليار دولار في عام 2024، بمعدل نمو سنوي 9%، بحسب تقرير صادر عن “ذا بيزنس ريسرش كمباني”.

وارتبط هذا النمو في الفترة التاريخية بزيادة الإنفاق العسكري، والاستخدام المتزايد للطائرات العسكرية بدون طيار، وزيادة التمويل الحكومي لتلك الطائرات العسكرية.

322f1c2a b6c2 4a2b a002 57f9508b013a Detafour

ومن المتوقع أن يشهد السوق نموًا قويًا بحلول عام 2028، ليصل إلى 22 مليار دولار بمعدل نمو سنوي 6.4%، ويرجع التقرير هذا النمو إلى زيادة سعي الحكومات لامتلاك تلك الطائرات وزيادة التهديدات الأمنية الداخلية والخارجية.

وأفاد التقرير بأن العديد من التقنيات الناشئة تدعم انتشار هذه الطائرات وتعطيها فاعلية أقوى مثل انتشار إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي.

أكثر 10 دول لديها طائرات عسكرية مسيرة في العالم

الترتيب

الدولة

عدد الطائرات

1

الولايات المتحدة

13710

2

تركيا

1421

3

بولندا

1209

4

روسيا

1050

5

ألمانيا

670

6

الهند

625

7

فرنسا

591

8

أستراليا

557

9

كوريا الجنوبية

518

10

فنلندا

412

*الجدول يعتمد على بيانات نشرها باور أتلس ومركز دراسات الدرونز في كلية بارد عامي 2020و2021 ونقلها إنسيدرمانكي

فعلى سبيل المثال، خصصت وزارة الدفاع الأمريكية في عام 2021 مبلغ 7.5 مليار دولار أمريكي لشراء مجموعة من المنصات والتقنيات المرتبطة بالطائرات المسيرة، وفقًا لما نشرته الرابطة الوطنية للصناعات الدفاعية، وهي رابطة تجارية مقرها أمريكا معنية بصناعة الدفاع.

ولشراء أنظمة تدعم الطائرات المسيرة، تلقت البحرية والقوات الجوية حوالي 1.1 مليار دولار لكل منهما، وتلقت قطاعات أخرى تابعة للجيش 885 مليون دولار، فيما حصل سلاح المشاة وقيادة العمليات الخاصة البحرية على 70 و90 مليون دولار على التوالي.

وبعيدًا عن القطاع العسكري، هناك نجاحات عديدة حققتها تلك الطائرات في الاستخدامات المدنية وعلى رأسها القطاع الزراعي.

وشهد سوق الطائرات بدون طيار زراعيًا نموًا قويًا في السنوات الأخيرة، حيث توسع من 1.94 مليار دولار في عام 2023 إلى 2.6 مليار دولار في عام 2024 بنمو سنوي بلغ نحو 33.7%.

وأرجع تقرير صادر عن ذا بيزنس ريسرش كمباني نمو الطلب في هذا القطاع إلى اعتماد الزراعة الدقيقة، والدعم الحكومي والإعانات، ومراقبة صحة المحاصيل، وزيادة تطبيقات رسم الخرائط والمسح.

ومن المتوقع أن يستمر سوق الطائرات بدون طيار الزراعي في نموه القوي، ليصل إلى 7.62 مليار دولار في عام 2028 بمعدل نمو يصل إلى 30.9%.

ويجتذب قطاع تصنيع الطائرات المسيرة العديد من الشركات حول العالم إلا أن هناك 5 شركات رئيسية تهمين على تلك الصناعة، لتشكل مشهد التكنولوجيا والابتكار في قطاع الطائرات بدون طيار.

ويتنوع إنتاجها من الطائرات العسكرية إلى الطائرات الاستهلاكية إلى جانب تصنيع المنصات والأنظمة المسؤولة عن تشغيلها.

9e9f2a2b ad74 4727 b5ec d141c43d9e9b Detafour

وتأسست الشركة في عام 2006، ويقع مقرها الرئيسي في الصين، ولديها العديد من الطرازات المعروفة حول العالم مثل فانتوم ومافاك، وتغطي الطائرات التي تصنعها مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك البناء وصناعة الأفلام والزراعة.

وتعتبر طائرة دي جيه أي إير 3 واحدة من أكثر الطائرات مبيعًا ويصل سعرها إلى نحو 1500 دولار.

كما تعتبر شركة إنتل واحدة من الشركات الرائد في صناعة الطائرات المسيرة بحسب تقرير جلوبال ماركت إستميتد، وتأسست شركة إنتل، في عام 1968 ويقع مقرها الرئيسي في الولايات المتحدة.

وكشفت إنتل عن أول طائرة دون طيار تحمل علامتها التجارية أطلقت عليها اسم “فالكون 8″ في عام 2016، وكانت مخصصة للقطاع الصناعي والتعمير، وتصوير مواقع البناء الكبيرة حيث قد يستغرق المهندسون ساعات كاملة من السير لإكمال التفتيش الميداني.

وقد ابتكرت شركة إنتل مركبات جوية دون طيار متطورة من خلال الاستفادة من خبرتها في تكنولوجيا أشباه الموصلات.

وتواصل إنتل لعب دورًا بارزًا في سوق الطائرات المسيرة من خلال عقد تحالفات استراتيجية واستثمارات بهدف دعم نشاطها في مجال الاستشعار عن بعد وتقنيات التصوير الجوي.

وتأتي شركة باروت دراونز في المرتبة الثالثة من حيث الشركات الأبرز في قطاع الطائرات المسيرة، وتأسست الشركة في عام 1994 ومقرها في باريس.

ومن بين الشركات البارزة في هذا القطاع أيضًا شركة يونيك إنترناشونال (YUNEEC International)، التي تأسست في عام 1999 ومقرها في جيانغسو بالصين، وتشتهر بخط طائراتها المسيرة مانتيس وتايفون (Typhoon Mantis)، وهما النموذجان الأبرز للشركة.

 أما الشركة الخامسة فهي آيروفيرونمينت (AeroVironment) وهي شركة رائدة في تصنيع المسيرات لأغراض الأمن والدفاع، وتأسست في عام 1971 ويقع مقرها الرئيسي في ولاية فيرجينيا، بالولايات المتحدة.

واشترت وزارة الدفاع الأمريكية العديد من الأنظمة والطائرات المسيرة من شركة آيروفيرونمينت مثل طرازات رافين وبوما، اللذين يتميزان بقدرتهما على العمل في ظل الظروف الصعبة.

7fbb8366 9c75 4fce 9b40 d3ed12269110 Detafour

وتهيمن أمريكا الشمالية على سوق الطائرات دون طيار العالمية بسبب وجود الشركات المصنعة الرائدة للطائرات دون طيار ومعدل تبني مرتفع لتكنولوجيا الطائرات دون طيار، بحسب تقرير نشره موقع سكاي كويست.

وتعد الولايات المتحدة واحدًا من أكبر أسواق الطائرات دون طيار، مدفوعة بالطلب المتزايد على تطبيقات الطائرات دون طيار في الصناعات العسكرية والدفاعية والتجارية.

كما تعتبر منطقة آسيا والمحيط الهادئ أيضًا سوقًا مهمًا للطائرات دون طيار مع أسرع معدل نمو سنوي، مدفوعة بالتبني المتزايد لتكنولوجيا المسيرات في مختلف الصناعات مثل الزراعة والتعدين والبناء بسبب فاعليتها من حيث التكلفة وكفاءتها في تعزيز الإنتاجية.

ويدعم هذا النمو التصنيع السريع والاستثمارات في تكنولوجيا الطائرات المسيرة من قبل دول مثل الصين واليابان والهند.

وفيما يتعلق بالدول فإن هناك اهتماما متزايدا بصناعة الطائرات المسيرة، وذلك بفضل التقدم التقني الكبير وزيادة الطلب على استخداماتها المتنوعة.

وتشير الإحصائيات المتعلقة بالطائرات المسيرة إلى أن الصين ستحقق أعلى إيرادات بالعالم في هذا القطاع في جميع أنحاء العالم، لتجني نحو 1.52 مليار دولار بحلول نهاية العام الحالي، إلى جانب معدل نمو قدره 4.29% من عام 2024 إلى عام 2028.

كما أنه من المتوقع أن تبلغ إيرادات الطائرات دون طيار في الولايات المتحدة نحو 1.4 مليار دولار، تليها فرنسا بإيرادات تبلغ نحو 171.4 مليون دولار.

0
0
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى