تكنولوجيا

القيادة الذاتية: هل هي مصدر قلق أم خيار أكثر أمانًا من القيادة البشرية؟

سيارات تسير على الطرقات بدون سائق وربما حتى بدون عجلة قيادة تمامًا أو دواسات للبنزين أو للطاقة لكنها مزودة بكاميرات ومستشعرات لمراقبة الطريق والسيارات والمارة من حولها، نعم هذه هي السيارات ذاتية القيادة أو الآلية.

قد تغزو هذه السيارات الطرق حول العالم في المستقبل القريب أو البعيد، لكن حاليًا تتوافر تطبيقاتها الواقعية فقطفي سيارات الأجرة التي تعمل بدون سائق المعروفة باسم “الروبوتاكسي” ورغم ذلك  فإن انتشارها لا يزال محدودًا بسبب تداعياتها وبعض الحوادث التي سببتها.

فبإمكان البشر التعامل بشكل أفضل في حال وقوع حادث، مثل التوقف فورًا عند الاصطدام بشخص ما، على عكس القيادة الآلية، لكن من ناحية أخرى تتجنب القيادة الذاتية ارتكاب أخطاء مثل تجاوز السرعة أو النوم أثناء السير.

وجد الباحثون أن السيارات الذاتية تكون أفضل في المواقف الروتينية، لكن يتفوق أداء البشر في الحالات الاستثنائية أو الجديدة وغير المتوقعة التي لم يتم تدريب التكنولوجيا عليها.

في الولايات المتحدة، أوقفت “كروز” التابعة لـ “جنرال موتورز” عملياتها في ست مدن بعد حادثة وقعت في أكتوبر 2023.

 وتواجه حاليًا تحقيقات من قبل وزارة العدل ولجنة الأوراق المالية والبورصات في أعقاب الحادث الذي صدمت فيه إحدى سيارات الأجرة الآلية التابعة لها في سان فرانسيسكو أحد المشاة بعدما صدمتها مركبة أخرى وسحبت المصاب لمسافة 6.1 متر.

لكن “وايمو” المنافسة التابعة لـ “ألفابت” لا تزال تدير عمليات محدودة لسيارات أجرة ذاتية القيادة في سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس وفينيكس وأوستن بولاية تكساس، بعدما تم تعليق الخدمة في لاس فيجاس خلال مايو.

9563c1c4 cbe8 4076 85eb ab1ae438dc4e Detafour

أما في الصين، فأصبحت تلك التكنولوجيا متوفرة إلى حد ما، وتتنافس العديد من الشركات للهيمنة على الخدمة، منها “بايدو” التي لديها ما يصل إلى 400 سيارة أجرة آلية على الطرق في مدينة ووهان.

وترغب “أوبر” لخدمات مشاركة الركوب إضافة المزيد من المركبات ذاتية القيادة لأسطولها من أجل توسيع نطاق خيارات التوصيل للعملاء.

في حين تتطلع شركة التكنولوجيا الصينية “بايدو” إلى توسيع قسم سيارات الأجرة الآلية “أبولو جو” خارج بلدها الأم.

لكن هل تلقى قبولاً؟

أجرت جمعية السيارات الأمريكية “إيه إيه إيه” دراسة استقصائية لأكثر من ألف سائق في البلاد – أعمارهم أكثر من 18 عامًا – خلال الفترة من الحادي عشر وحتى السادس عشر من يناير هذا العام، لتتعرف على معنوياتهم تجاه السيارات ذاتية القيادة.

لكنها وجدت أن معظم السائقين يشعرون بالخوف مع بدء ظهور السيارات ذاتية القيادة أو على الأقل سيارات الروبوتاكسي حتى الآن.

أعرب ثلثا السائقين عن مخاوفهم المتعلقة بتلك التكنولوجيا، مقارنة مع نسبة 54% في عام 2021، بينما أعرب 9% منهم فقط عن ثقتهم فيها.

لكن لا يزال هناك اهتمام بتقنيات مثل الكبح التلقائي في حالات الطوارئ، ومساعدة الالتزام بالحارة المرورية.

معنويات السائقين في الولايات المتحدة تجاه تكنولوجيا القيادة الذاتية؟

العام

نسبة من أعربوا عن مخاوفهم

نسبة غير المتيقنين

نسبة الواثقين

2021

%54

%32

%14

2022

%55

%30

%15

2023

%68

%23

%9

2024

%66

%25

%9

فكرة مثيرة للقلق

وصف “ترامب” فكرة المركبات ذاتية القيادة بأنها “مثيرة للقلق”، وذلك قبل ساعات فقط من قيام حليفه “إيلون ماسك” بعرض النموذج الأولي من سيارة الأجرة ذاتية القيادة الأولى لشركة “تسلا”.

ووجه المرشح الجمهوري لانتخابات 2024 سؤالاً للحضور في نادي “ديترويت” الاقتصادي خلال خطاب مطول استمر ساعتين تقريبًا: هل تحبون السيارات الآلية؟ هل يحب أي شخص تلك السيارات؟، مضيفًا: بعض الناس يحبون ذلك، لا أعرف، الأمر يثير قلقي قليلاً.

تحدث أيضًا الخميس عن الشركات الصينية التي تختبر تقنياتها في أمريكا قائلاً: سنوقف تشغيل المركبات ذاتية القيادة على الطرق الأمريكية.

5b8ae34f 82c7 4ce1 9019 38ac2ebb88c4 Detafour

وذلك بعدما أجرت العديد من شركات القيادة الذاتية الصينية اختبارات على الطرق الأمريكية لفترة من الوقت، ثم بدأت الكثير منها التوقف عن تلك الاختبارات في السنوات الأخيرة بسبب تزايد التوترات بين واشنطن وبكين.

وحسب بيانات نشرتها “واشنطن بوست”، فإن المسافة الإجمالية التي قطعتها السيارات ذاتية القيادة في كاليفورنيا – الصديقة لتلك التكنولوجيا – تراجعت 74% في الأشهر الاثني عشر السابقة لنوفمبر 2023.

وتعتبر تعليقات الرئيس الأمريكي السابق على تلك التكنولوجيا نادرة، لكن معروف انتقاده لها، ففي عام 2019 أفاد موقع “أكسيوس” أن “ترامب” يرى أن السيارات ذاتية القيادة لن تنجح أبدًا وكان متشككًا على الرغم من حماس وزارة النقل.

لذلك فإن الموقف الذي ستتخذه إدارته -حال عودته للبيت الأبيض- بشأن القيادة الذاتية لا يزال يشوبه الغموض.

وتعد التصريحات الأخيرة جزءًا من خطة “ترامب” لتعزيز صناعة السيارات الأمريكية في معركة متصاعدة مع منافسته الديمقراطية “كامالا هاريس” حول من سيدافع بشكل أفضل عن شركات التصنيع المحلية ووظائفها.

نهاية لسلسلة من الوعود

بعد تصريحات “ترامب” بساعات ، ظهر “ماسك” -المؤيد للمرشح الجمهوري والذي ناقش علنًا لعبه دورًا محتملاً في البيت الأبيض حال فوز حليفه- ليكشف النقاب عن سيارة الأجرة ذاتية القيادة التي طال انتظارها من “تسلا”.

في خطوة طال انتظارها طويلاً، إذ استمرت وعود “ماسك” بشأن الوصول الوشيك لأولى سيارات “تسلا” ذاتية القيادة منذ عام 2016.

استمرت وعوده حتى عام 2018 عندما قال إنها قد تطرح بعد عام وستكون أكثر أمانًا بنسبة 200% من القيادة البشرية، وفي 2019 قال إنه سيكون هناك سيارة ذاتية القيادة بشكل كامل هذا العام، لكنه كتب في منشور عبر “إكس” هذا الصيف أن الانتظار كان بسبب تغييرات في التصميم شعر أنها مهمة.

لكن كان حدث “وي روبوت” الذي عقد في العاشر من أكتوبر 2024 تتويجًا لتلك السلسلة من الوعود، إذ ظهر “ماسك” مرتديًا سترته الجلدية السوداء المميزة، وعرض سيارة أجرة آلية بدون عجلة قيادة أو دواسات للطاقة باسم “سايبركاب” والتي قد تدخل الإنتاج قبل عام 2027.

12c401b3 f341 4579 9171 ff5af470e3c4 Detafour

وأقر  “ماسك” مازحًا خلال الحدث بميله إلى التفاؤل قليلاً بشأن الأطر الزمنية، وعرض أيضًا نماذج لروبوتات بشرية قيد التطوير والتي قد تلعب دورًا محوريا بالنسبة لـ “تسلا” التي تواجه منافسة متزايدة من شركات صناعة السيارات حول العالم وخاصة الصين.

كما أشار “ماسك” -البالغ من العمر 53 عامًا- عن خطط لتوفير تكنولوجيا القيادة الذاتية بسياراتي “مويل3″ و”موديل واي” في كاليفورنيا وتكساس بحلول العام المقبل.

وراهن “ماسك” -الرجل الأكثر ثراءً في العالم- على مستقبل شركته في تكنولوجيا القيادة الذاتية، وهو لديه تاريخ من الإنجازات التكنولوجية بالفعل تشمل خدمة الإنترنت السريعة من الفضاء.

أضاف “ماسك” أن القيادة الذاتية، ستنقذ أرواحًا، الكثير من الأرواح وتمنع إصابات، موضحًا أن السيارات ستكون أكثر أمانًا من قيادة البشر نظرًا لأن “تسلا” جمعت بيانات القيادة من ملايين المركبات.

21bdae86 5b4e 4fa6 a2be bb0a72f50e13 Detafour

لكن ذكرت “ساميتا سامارانايكي” الأستاذ المساعد في الهندسة بجامعة “كورنيل”: أن السيارة عبارة عن قطعة كبيرة من المعدن تسير على الطرق بسرعات عالية، لذا فإن المخاوف المتعلقة بالسلامة كبيرة، وأضافت أن مجتمع البحث غير مقتنع بما إذا كان أسلوب “تسلا” يعطي ضمانات السلامة التي نرغب فيها.

بينما ذكر “دان إيفز” من “ويدبوش سكيورتيز” والذي حضر الحدث في كاليفورنيا: يمكن أن تكون المكوكة الأنيقة وسيلة نقل على مدار السنوات المقبلة تستفيد منها “تسلا”.

في حين ذكرت “جيسيكا كالدويل” رئيسة قسم الرؤى المستقبلية لدى “إيموندز” حسبما نقلت “بي بي سي”: قام “ماسك” بعمل رائع في رسم مستقبل مثالي للتنقل يعد بتوفير وقتنا وزيادة السلامة، لكن لا تزال هناك العديد من التساؤلات حول كيفية تحقيق ذلك بشكل عملي.

نظرًا لأن”ماسك” لديه سجل حافل من الوعود المبالغ في تقديرها بشأن القيادة الذاتية فإن ذلك يثير شكوكًا حول ما إذا كانت سيارات “تسلا” الآلية ستنتشر على الطرق الرئيسية حول العالم في المستقبل القريب ويمكنها منافسة “وايمو” على سبيل المثال أم أنها حلم بعيد المنال.

0
0
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى