اقتصاد المغربالأخبار

13 مليار درهم..فاتورة استهلاك المغاربة السنوية من القهوة تتجاوز التوقعات

على الرغم من أن المغرب يُعرف بتقاليده العريقة في احتساء الشاي الأخضر، إلا أن القهوة بدأت تدريجيًا تفرض نفسها بقوة على الموائد المغربية، لتصبح مشروبًا يوميًا يعكس تحولات ثقافية واقتصادية واسعة النطاق.

يسجل سوق البن نمواً لافتاً، مدفوعاً بـ طفرة في عروض القهوة الفاخرة ونمو غير مسبوق في قطاعات المقاهي الراقية والفنادق والمطاعم الحديثة.

ويشير الخبراء إلى أن نحو 75% من استهلاك القهوة في المملكة لا يزال يعود لنوع “روبوستا”، المعروف بمذاقه القوي وكثافته العالية، بينما بدأت الطلبات على “أرابيكا” الفاخرة وأنماط القهوة المتنوعة في الارتفاع، مع معدل استهلاك فردي يصل إلى حوالي 1.3 كيلوغرام سنويًا.

ويؤكد المختصون أن آفاق النمو واعدة، خاصة مع الطفرة السياحية التي يشهدها المغرب، والتي تعمل على تعزيز الطلب على القهوة بجميع أشكالها.

تترجم هذه الديناميكية إلى أرقام مالية ضخمة؛ ففي عام 2024، استورد المغرب نحو 58 ألف طن من القهوة، منها 54,508 طنًا من القهوة الخضراء و 3,426 طنًا من القهوة المحمصة.

وقد بلغت القيمة الإجمالية لهذه الواردات 2.27 مليار درهم، مسجلة زيادة كبيرة مقابل 1.41 مليار درهم في عام 2023، ما يعكس تسارعاً ملحوظاً في الطلب خلال السنوات الأخيرة.

ويؤكد خبراء السوق أن الاستهلاك الفردي الحالي، الذي يتراوح بين 0.8 و 1.3 كيلوغرام سنويًا، يمنح السوق إمكانيات نمو كبيرة، مدفوعًا بتطور السياحة وتحديث قنوات التوزيع، وفقًا لتصريحات لويسين ليوينكرون، مؤسس شركة Top Class، الوكيل المعتمد لشركة Lavazza في المغرب.

و لا يزال استهلاك القهوة في المغرب مهيمنًا من قبل “روبوستا” بنسبة 70%-75% من الواردات، مقابل 25%-30% لـ “العربيكا”. هذا التفضيل يعكس ميل المستهلك المغربي التقليدي للقهوة القوية، سواء في صيغة القهوة المطحونة أو القابلة للذوبان، لا سيما في المزيج أو القهوة السريعة التحضير.

تُستورد “روبوستا” بشكل أساسي من فيتنام وأوغندا وإندونيسيا وتنزانيا، بينما تُستورد “العربيكا” من أسواق عملاقة مثل البرازيل وكولومبيا وإثيوبيا لتلبية احتياجات المزيجات والفئات الراقية.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب إيطاليا وإسبانيا دور مراكز لإعادة تصدير القهوة المحمصة نحو السوق المغربي.

يشهد قطاع المقاهي نموًا ملحوظًا في المغرب، مع انتشار المقاهي المستقلة وسلاسل القهوة العالمية، وارتفاع استخدام الكبسولات والقهوة الجاهزة التي تستقطب بشكل خاص الشباب الحضري النشط.

في الوقت نفسه، تظل القهوة المطحونة والقابلة للذوبان هي المسيطرة في الاستهلاك المنزلي والمكتبي، بينما يشهد قطاع الضيافة الخارجية (Out-of-home) ديناميكية غير مسبوقة، مدفوعة بارتفاع الطلب من السياح وتوسع الفنادق والمطاعم في تقديم تجارب قهوة متطورة وفاخرة.

ويؤكد الخبراء أن هذا التحول له تأثير اقتصادي واجتماعي مباشر؛ إذ تشير الدراسات الدولية إلى أن نفقات الأسر المغربية على القهوة عبر قنوات البيع بالتجزئة بلغت نحو 13 مليار درهم في 2022، ما يجعل المغرب أحد أهم الأسواق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

يلعب المحمصون المحليون دورًا محوريًا في سلسلة القيمة، حيث يضبطون الجودة ويبتكرون الخلطات التي تلبي الذوق المحلي ومتطلبات السوق العالمية.

وهم مسؤولون عن المراقبة الدقيقة والتحليل المختبري للمنتجات لضمان الجودة والثبات الحسي للنكهات.

ورغم وجود بعض حالات الغش المحدودة، مثل خلط غير معلن بين “العربيكا” و”الروبوستا” أو استخدام ملصقات مضللة، إلا أن الغالبية العظمى من اللاعبين في السوق تعتمد أنظمة صارمة للتحليل والتتبع لضمان الشفافية.

هذه التطورات تؤكد أن فنجان القهوة لم يعد مجرد مشروب، بل أصبح رمزًا للحداثة وتجربة الحياة العصرية بالنسبة للطبقة الوسطى المغربية المتنامية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى