هل يُنذر الانخفاض القياسي في عوائد السندات الصينية بحدوث فقاعة مالية بالقطاع المصرفي؟
تصاعد إقبال المستثمرين الصينيين على حيازة السندات السيادية بدرجة كبيرة في الآونة الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعارها وهبوط عوائدها إلى أدنى مستوى على الإطلاق مطلع الأسبوع الجاري، وذلك في ظل الأزمة الممتدة بالقطاع العقاري، وتعثر التعافي الاقتصادي، وتقلبات سوق الأسهم في البلاد.
وانخفض عائد السندات السيادية الصينية ذات استحقاق 10 سنوات إلى 2.18% خلال تعاملات الإثنين الماضي، ليسجل أدنى مستوى له منذ بدء رصد البيانات في عام 2002، ومن المفترض أن يصبح هذا التراجع في تكاليف الاقتراض موضع ترحيب في ظل تباطؤ تعافي ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم.
لكن الأمر أثار مخاوف بالغة بين صناع السياسات في بكين تجاه تضخم أسعار السندات، ومخاطر حدوث فقاعة مالية في القطاع المصرفي على غرار أزمة انهيار بنك “سليكون فالي” الأمريكي مطلع عام 2023.
أصدر بنك الشعب الصيني أكثر من 10 تحذيرات منذ أبريل الماضي بشأن مخاطر انفجار فقاعة سوق السندات السيادية، وتسبب الأمر في زعزعة استقرار السوق المالي، وعرقلة مسيرة تعافي الاقتصاد.
ومن هذا المنطلق، برزت عدة تساؤلات حول الإجراءات التي اتخذها بنك الشعب الصيني لتهدئة زخم الطلب على السندات السيادية والحيلولة دون حدوث فقاعة في سوق الديون، وأوجه التشابه بين ما يحدث في الصين الآن والأزمة المصرفية الأمريكية مطلع العام الماضي، وأبرز المخاطر التي قد تواجه الاقتصاد الصيني حال انفجار الفقاعة.
هل يُنذر الانخفاض القياسي في عوائد السندات الصينية بحدوث فقاعة مالية بالقطاع المصرفي؟ |
||
أبعاد أزمة سوق الديون الصينية |
|
– بلغ صافي مشتريات المؤسسات المالية من السندات السيادية الصينية 1.55 تريليون يوان (210 مليارات دولار) خلال النصف الأول من عام 2024، وكان أغلبها من قبل مصارف إقليمية. – ويعادل ذلك زيادة قدرها 61% مقارنة بالفترة المناظرة من العام السابق، وتعد أسعار الفائدة في الصين متدنية في الوقت الراهن بعد سلسلة التخفيضات التي أجراها البنك المركزي في السنوات الأخيرة.
– ويتزامن ذلك مع أزمة انكماش الأسعار التي يعانيها الاقتصاد الصيني، وخاصة أسعار المنتجات الصناعية، الأمر الذي ساهم في تعزيز صادرات بكين في حقبة ما بعد الوباء. – ولكن حال تباطؤ الطلب الخارجي الذي يعد أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد الصيني في الوقت الراهن، فسوف يتعين على البنك المركزي اتخاذ خطوات أكثر لتحفيز النمو الاقتصادي، ولعل أبرز هذه الخطوات خفض أسعار الفائدة.
– وإذا لجأ المركزي لذلك، فسوف ترتفع عوائد السندات السيادية مرة أخرى مع تحول المستثمرين نحو سوق الأسهم، الأمر الذي من شأنه تعريض 4 آلاف مصرف صيني صغير ومتوسط الحجم للمخاطر، وفق تحليل أجرته شركة الوساطة التابعة للدولة “تشينشانج سكيورتيز”. |
الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي للحيلولة دون انفجار فقاعة الديون |
|
– وقال في بيان إنه اتخذ هذا الإجراء بناء على مراجعات وتقييمات دقيقة للموقف بهدف الحفاظ على سلامة السوق. – وحتى الآن، فشلت التحذيرات الشفهية من السلطات الصينية في تهدئة السوق، لكن “تشانج جيكيانج” محلل استثمارات الدخل الثابت في “هواتاي” للأوراق المالية يرى بأن الإجراءات المعلن عنها الإثنين الماضي تدل على مدى تصميم البنك المركزي على كبح جماح الطلب. |
أوجه التشابه بين ما يحدث في الصين الآن والأزمة المصرفية الأمريكية |
|
– ولكن ما إن بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة التشديد النقدي الحالية، تآكلت الموارد المالية للمصرف المنهار نتيجة انخفاض أسعار السندات. – ويخشى صناع السياسات النقدية في الصين من تكرار الأمر في القطاع المصرفي لبلادهم، إذ يترقب العالم برمته بدء تخفيضات الفائدة في أمريكا كي تتسنى الفرصة للمصارف المركزية الأخرى لتيسير تكاليف الاقتراض، وخاصة الصين التي يبدو عليها التردد تجاه اتخاذ خطوة مماثلة لعدة اعتبارات، على رأسها انخفاض قيمة اليوان.
|
أبرز المخاطر التي تواجه الاقتصاد الصيني إثر ارتفاع أسعار السندات |
|
– وقال إن حدوث مثل هذا الأمر قد يعزز توقعات إجراء البنك المركزي الصيني تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة، وفي ظل تباطؤ النمو الاقتصادي، فهذا من شأنه خلق بيئة اقتصادية انكماشية. – وعلى صعيد آخر، أوضح ” تشيونج” أن استمرار زخم سوق السندات قد يعرقل جهود المصرف المركزي في تعزيز النشاط الاقتصادي، فضلاً عن زيادة المعروض النقدي نتيجة تدفق رؤوس الأموال لسوق الديون بدلاً من الأسهم، والقطاع العقاري، ومجالات الاستثمار الأخرى التي تدعم الاقتصاد. |