هل يُمكن الموازنة بين الطموح والتواضع في مكان العمل؟
في معترك الحياة المهنية، يمكن أن تكون الأنا (Ego) أو ذاتك المزيفة حليفًا مفيدًا أو عدوًا بغيضًا. حيث يمكن للجرعة الصحية من الأنا أن توفر لك قدرًا من الثقة والاعتداد بالنفس، ما يسمح بمتابعة أهدافك بقوة.
وفي المقابل، إذا تركت لها العنان ستفتح الباب على مصراعيه للغرور والنرجسية التي تسيطر على صاحبها وتسبب الإحباط لمن حولنا، وتثير المشاكل، وتقتل الإبداع في المؤسسة.
يتطلب هذا التوازن الدقيق تقديرًا شديدًا لدور الأنا، والتوجه نحو ثقافة يحتل فيها التواضع والتعاون مركز الصدارة.
الجانب الإيجابي للأنا في العمل
– في عالم يسوده التكيف والابتكار، تصبح الأنا الوقود الذي لا غنى عنه، حيث تغذي الدافع للطموح والإنجاز، ما يشجع الأفراد على بذل قصارى جهدهم لتحقيق مساعيهم المهنية.
– مع امتلاك قدر من الثقة بالنفس، يمكنك خوض المخاطر الجريئة، واغتنام الفرص لنكون محل إعجاب الأقران والقادة على حد سواء.
– علاوة على ذلك، توجه الأنا الأفراد نحو التحسين المستمر والابتكار الجريء، وتدفعهم إلى ما وراء الحدود المريحة لمناطق راحتهم، وتحثهم على تحقيق أهدافهم الطموحة.
مشاكل الأنا الجامحة
– ومع ذلك، عندما يُسمح للأنا بالسيطرة، يمكن أن توّلد الغطرسة والشعور بالاستحقاق، ما يدفع الأفراد إلى المبالغة في تقدير قدراتهم والتقليل من إنجازات الآخرين.
– الأمر الذي يمكن أن يخلق بيئة عمل سامة يغلب عليها الصراعات الداخلية والمشاحنات وغياب التعاون.
– ولعل واحدة من أكثر الطرق سوءًا التي تتجلى بها الأنا في مكان العمل هي التردد في طلب المساعدة أو الاعتراف بالضعف.
– حينما يعتقد المرء أنه يجب أن يظهر بمظهر الخبير وبالتالي يحجم عن طلب الدعم من الآخرين، مما يعيق في النهاية نموه الشخصي.
– بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأنا أن تعزز الشعور بالرضا عن النفس وعدم الاهتمام بالتعليقات، مما يمنع الأفراد من التعرف على مجالات التحسين الخاصة بهم وخنق تطورهم المهني.
– في مشهد سريع التطور حيث تُعد القدرة على التكيف والتعلم المستمر أمرًا بالغ الأهمية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى كارثة محققة لكل من الأفراد والمنظمات على حد سواء.
أساليب استراتيجية للتحكم في تأثير الأنا |
|
استخدم قاعدة التواصل 70/30 |
– قاوم الرغبة في احتكار المناقشات في التحدث عن آرائك وإنجازاتك، وأفسح المجال للآخرين لمشاركة وجهات نظرهم ورؤاهم. – مارس التواضع من خلال تخصيص 70% من المحادثة للاستماع للآخرين و30% لإبداء تعليقات مدروسة وموجزة. – وبذلك تضمن إتاحة الفرصة للآخرين للتعبير عن أنفسهم وفهم وجهة نظرهم قبل تقديم رؤيتك الخاصة.
|
تقبل الاقتراحات بصدر رحب |
– رحب بالاقتراحات كفرصة للنمو والتحسن الذاتي، وقاوم إغراء رفض النقد أو غض الطرف عنه. – استفد من اقتراحات الآخرين وسخرها كأداة للتأمل الذاتي والتعلم، مع الاعتراف بأن النمو ضروري للتنمية الشخصية والمهنية. – اعترف بمواطن ضعفك ومجالات التحسين الخاصة بك، ولا تتردد في طلب المساعدة أو التوجيه من الآخرين عند الضرورة. – تأكد من أن طلب المساعدة هو علامة على القوة وليس الضعف، وأن التعاون ضروري للنجاح في مكان العمل.
|
نمِّ الوعي الذاتي والتواضع |
– فكر في أفكارك وسلوكياتك، وكن على دراية بكيفية تأثير الأنا على أفعالك. – كن متواضعًا تجاه نفسك والآخرين، مع الاعتراف بأن كل شخص لديه نقاط قوة وضعف. – إحدى الممارسات ذات القيمة العالية هي تقنية 4-4-4، والمعروفة أيضًا باسم “التنفس الصندوقي”. – عنما تشعر أنك متحمس، ما عليك سوى التنفس مع العدّ حتّى 4، ثم حبس النفس مع العدّ حتّى 4، والزفير مع العدّ حتّى 4. – كرر هذه العملية عدة مرات لتهدئة جهازك العصبي واستعادة وضوح الفكر، مما يتيح لك التصرف بوعي.
|
قدر مساهمات الآخرين |
– إذا كنت مستاءً من رئيسك لعدم اعترافه بجهودك المبذولة، فقد تميل إلى إظهار نفس السلوك لفريقك. تذكر أن تلك الرغبة تكون مدفوعة بالغرور. – تتشكل العلاقات القوية من خلال التقدير والاعتراف بإنجازات الآخرين بدلًا من التزام الصمت. – كن أنت التغيير الذي تطمح إليه، واعمل على تعزيز ثقافة التقدير والاحترام المتبادل في مكان العمل، واحتفل بإنجازات الأفراد والفرق على حد سواء.
|
– وختامًا، في حين أن الأنا يمكن أن تكون حافزًا قويًا وعامل تمكين للنجاح في مكان العمل، إلا أنه يجب السيطرة عليها بالتواضع والوعي الذاتي لضمان بقائها قوة بناءة.
– من خلال الاعتراف بفوائد الأنا عند توجيهها بشكل مناسب وتنفيذ استراتيجيات للحد من تأثيرها، يمكن للأفراد تعزيز ثقافة التعاون والابتكار والاحترام المتبادل، ما يؤدي في النهاية إلى تحقيق قدر أكبر من الإنجاز الشخصي والمهني.