هل يجب أن تحتمي بوسائل الدخل الثابت من تأثير الذكاء الاصطناعي؟
لم يعد الذكاء الاصطناعي دافعا إلى الاحتماء بأدوات الدخل الثابت من البطالة المحتملة بعد أن تحل التكنولوجيا الجديدة محل الوظائف التقليدية، حيث بدأ عدد من المحللين يعتقدون أن فقاعة الذكاء الاصطناعي بدأت في الانفجار. لكنْ ماذا بعد هذا الانفجار؟
يقول الكاتب أوشان جارو في مقال له على موقع فوكس، إنه من المحتمل أن تنتفخ هذه الفقاعة مجددًا، وربما تؤدي إحدى هذه الانتفاخات إلى تغييرات تتجاوز دورات الابتكار الجديدة والبطالة نتيجة حلول التكنولوجيا محل الإنسان.
ويضيف أوشان جارو أن الحاجة إلى سياسات أفضل لمكافحة الفقر -ومنها الدخل الثابت- قائمة حتى من دون تطوير الذكاء الاصطناعي.
ودعا رئيس شركة أوبن إيه آي للذكاء الاصطناعي سام ألتمان في وقت سابق إلى الاهتمام بأدوات الدخل الثابت، لأن الذكاء الاصطناعي يُلغي الوظائف التقليدية بينما يُراكم ثروات لدى قليل من الناس.
ويرى عدد من الشخصيات الرئيسية في عالم التكنولوجيا من إيلون ماسك رئيس شركة تسلا وشركة إكس (تويتر سابقا)، إلى جيفري هينتون المعروف بأنه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي؛ أن الذكاء الاصطناعي سوف يبشر بموجة من البطالة التكنولوجية، وسيصبح الدخل الأساسي ضروريا لدعم صمود الناس.
وأدوات الدخل الثابت هي التي تدر على أصحابها عائدًا محددًا كل فترة معلومة، ومنها الودائع البنكية وعائدات السندات وصناديق المعاشات.
الدخل الثابت.. مع أم ضد؟
وفي دراسة أجريت في الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني 2020 حتى أكتوبر/تشرين الأول 2023 ودعمتها شركة أوبن إيه آي، أُعطي 1000 شخص 1000 دولار شهريا من دون شروط دخلا ثابتا.
ويقول أوشان جارو في مقاله بموقع فوكس إنه في حيرة من أمره، فبصورة عامة قد يكون الدخل الثابت سياسة فعالة لمكافحة الفقر، لكنّ مثل هذه الدراسات لا يبدو أنها تعمل على تعزيز الدخل الثابت ليصبح حقيقة واقعة (أي أنها تظل دراسات تجريبية في فترة مؤقتة).
ورأى جارو أن نشر الخوف من استحواذ الذكاء الاصطناعي لجميع الوظائف يثير حماسا أكبر بكثير للدخل الثابت، لكنّ ربط قضية الدخل الثابت بالمخاوف من التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي يعرّض الفكرة ذاتها للخطر. فإذا لم تكن ثمة موجة كبيرة من البطالة الناجمة عن الذكاء الاصطناعي، وانفجرت فقاعة التقنية الحديثة وتبين أنها لا تختلف كثيرًا عن دورات الإبداع والبطالة التكنولوجية في الماضي، فسينخفض دعم الدخل الثابت.
ووفق جارو، فإن متلقي الدخل الثابت الواقعين في عينة الدراسة أنفقوا ما معدله 310 دولارات إضافية شهريا معظمها على السكن والطعام ونفقات السيارة، لكنْ بشكل عام انخفض دخلهم بنحو 125 دولارا شهريا باستثناء التحويلات، وكان الانخفاض في الأرباح مدفوعا إلى حد كبير باختيار الأشخاص العمل لفترة أقل قليلا، نظرا إلى أن التحويلات تعني أنهم ما زالوا يتقدمون.
وفي المجمل انخفضت مشاركتهم في سوق العمل بنسبة 2%، مما يعني عملا أقل بنحو 1.3 ساعة أسبوعيا، أو ما يقرب من 8 أيام عمل أقل على مدار العام.
وذهب جارو إلى أن هذه النتيجة تتعارض -للوهلة الأولى- إلى حد ما مع تجارب الدخل الثابت الأخرى في الولايات المتحدة، والتحديات التي ظل المدافعون يروجون لها بأن النقد غير المشروط لن يجعل الناس يختارون عملاً أقل. لكن تقليل عدد أيام العمل 8 أيام في العام لا يبدو تماما مثل سيناريو التفرغ الكامل المتَخيَّل.
وكان تأثير توزيع الأموال النقدية بصورة ثابتة على الصحة أكثر وضوحا بعض الشيء، وفق جارو، إذ لا يبدو أنها فعلت الكثير. وعلى الرغم من البيانات التفصيلية، بما في ذلك عينات الدم من بعض المشاركين والاستهلاك الغذائي، “لم نجد دليلا على تحسن في الصحة البدنية”، كما تقول الدراسة.
وفي المقابل كانت ثمة تحسينات قصيرة الأمد في الصحة العقلية، معظمها من خلال تقليل التوتر، لكنها تلاشت بحلول نهاية السنة الأولى، وأظهر المتلقون أيضًا زيادة كبيرة في الأمن الغذائي خلال السنة الأولى، والذي تضاءل كذلك بحلول السنة الثانية.
وإذا كان ثمة جانب إيجابي في الورقة البحثية المتعلقة بالصحة، فهو أن المستفيدين يذهبون إلى المستشفيات وإلى الأطباء وأطباء الأسنان في كثير من الأحيان، وينفقون نحو 20 دولارا إضافيا شهريا على الرعاية الطبية نتيجة للتحويل، وهو ما لاحظ المؤلفون أنه يمكن ترجمته إلى فوائد غير مباشرة على المدى الطويل.