هل يبالغ المغرب في أرقام السياحة؟..اتهام وزيرة السياحة باستخدام الجالية لـ “النفخ” في الأرقام
بعد مضي نصف المدة من الولاية الحكومية الحالية، يتركز الحديث على الإنجازات المحققة من قبل مختلف القطاعات الوزارية، خاصة قطاع السياحة الذي اكتسب أهمية كبرى من حيث مداخيله، بعد الشلل شبه الكلي الذي تعرض له خلال جائحة فيروس كورونا في عام 2019.
و أوضحت الوزيرة فاطمة الزهراء عمور أن الوزارة خصصت مخططًا استعجاليًا بقيمة 2 مليار درهم لدعم القطاع، بما في ذلك تأهيل 800 فندق لاستقبال السياح.
وفي بيان سابق، أعلنت الوزارة أن عدد السياح الوافدين إلى المغرب في نهاية العام الماضي بلغ 14.5 مليون سائح. هذا الرقم أثار تساؤلات حول مدى واقعيته وتأثيره على مداخيل القطاع والاقتصاد الوطني بشكل عام.
التساؤلات تصاعدت بعد تراجع المغرب في تصنيف مؤشر التنمية السياحية العالمية لعام 2024 إلى المرتبة 82 مقارنة بالمرتبة 71 في عام 2021.
هذا التراجع يشكل خيبة أمل كبيرة لقطاع السياحة المغربي، الذي يتمتع باستراتيجية طموحة للتطوير ويعلق عليه الكثير من الآمال.
ويُعزى هذا التراجع أساسًا إلى النقاط المنخفضة التي حصل عليها المغرب في مؤشرات الموارد الطبيعية والثقافية والبنية التحتية والخدمات.
لتقييم مدى واقعية الأرقام المسجلة وتقديم قراءة حول التطلعات المستقبلية للقطاع، أكد الخبير في القطاع السياحي، الزوبير بوحوت، أن الأرقام المعلنة تدمج سياح مغاربة الخارج والأجانب، إذ أن الرقم المسجل للسياح السنة الماضية يشمل 51% من مغاربة المهجر.
و قارن بوحوت بين عامي 2019 و2023، موضحًا أن عدد السياح في 2019 بلغ حوالي 13 مليون، يشمل 5.9 مليون من مغاربة العالم و7 مليون سائح أجنبي. في المقابل، الرقم الإجمالي للسياح في 2023 بلغ 14.5 مليون، يشمل 7.4 مليون مغربي و7.5 مليون أجنبي، مما يعكس تباطؤ نمو الزوار الأجانب للمغرب.
وأشار بوحوت إلى أن ليالي المبيت بالنسبة للزوار المغاربة تظل ضعيفة جدًا، ولا تتجاوز 120 ألف ليلة سياحية، ما يؤثر على المداخيل، بينما سجل السياح الأجانب 16 مليون ليلة.
وأشار الخبير إلى أن دخول مغاربة العالم ساهم في تضخيم الأرقام، حيث زاد عدد السياح الأجانب فقط بـ170 ألف سائح. وبالتالي، يشكل مغاربة العالم 51% من السياح، مقارنة بدول أخرى مثل تركيا التي حققت 51 مليون سائح منهم 46 مليون أجنبي و6 ملايين تركي.
وأوضح بوحوت أن مداخيل القطاع من العملة الصعبة لم تتجاوز 10 مليارات دولار، بينما حققت البرتغال 25 مليار دولار وتركيا 51 مليار دولار.
ورغم التحسن في مؤشرات الربع الأول من السنة الحالية، حيث 56% من السياح الوافدين هم أجانب، إلا أن ليالي المبيت لم تتجاوز +3، وهو مؤشر سلبي. كما أن مداخيل العملة الصعبة تراجعت للشهر التاسع على التوالي من يوليوز 2023 إلى مارس 2024.
وأشار بوحوت إلى مشكلة ضعف العدالة المجالية، حيث تتصدر مراكش وأكادير المدن السياحية. كما لفت إلى نقص المؤشرات حول السياحة الداخلية والبنية التحتية الموجهة للسياح المحليين.
واقترح بوحوت تطوير ثلاثة جوانب أساسية: تشجيع السياحة الداخلية من خلال تقديم عروض مناسبة، تعزيز النقل الجوي بربط خطوط مع الوجهات البعيدة مثل الصين والهند والبرازيل وأمريكا وكوريا واليابان، وتسريع تنفيذ مخطط الخطوط الملكية الجوية، خاصة أن المغرب يستعد لتنظيم أحداث دولية كبرى مثل كأس العالم 2030.
وأكد بوحوت على ضرورة تنزيل الاستثمارات والبرامج الهيكلية على أرض الواقع لتجنب الأخطاء السابقة في برامج 2010 و2020، حيث كانت نسب تنفيذ الاستثمار أقل بكثير مما كان مخططًا له.