هل نفقات الدولة المغربية موجهة نحو الأولويات الصحيحة؟
حدد القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية قواعد جديدة لبرمجة وتنفيذ ميزانية الدولة، والتي ترتكز على ثلاث دعامات أساسية: تعزيز المبادئ المالية والشفافية والمقروئية الميزانياتية، تقوية دور البرلمان في المناقشة الميزانياتية، وتعزيز نجاعة التدبير العمومي.
وقد شملت عملية التقييم، تدبير نفقات الدولة من خلال فروعها الثلاث: نفقات الميزانية العامة، نفقات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، ونفقات الحسابات الخصوصية للخزينة.
و تم التركيز بشكل خاص على مرحلة البرمجة والتخطيط الميزانياتي للنفقات العمومية بين 2015 و2022، مع دراسة أربعة قطاعات وزارية رئيسية بسبب أهمية نفقاتها ورهاناتها الميزانياتية، وهي قطاعات الصحة، التجهيز، التعليم، والفلاحة.
فيما يتعلق بأنظمة المعلومات، تم التركيز على النظامين الرئيسيين “E-Budget 2” و”GID” (التدبير المندمج للنفقات)، اللذين يؤطران برمجة وتنفيذ جزء كبير من النفقات.
ووفقًا لتقرير المجلس الأعلى للحسابات، فقد سجلت نفقات الدولة ارتفاعًا مستمرًا بين 2015 و2022، حيث بلغت الزيادة الإجمالية حوالي 224 مليار درهم، أي بنسبة 60.3%.
وتحليل بنية النفقات يظهر أن نفقات الموظفين تشكل الجزء الأكبر في الميزانية، تليها ديون الخزينة المستحقة، ثم التكلفة الإجمالية للمقاصة.
ويستمر الاتجاه التصاعدي لهذه النفقات في التأثير على المالية العمومية من خلال تقليص الهوامش الميزانياتية.
أما بالنسبة لدقة التوقعات الماكرو اقتصادية، أشار التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لعام 2023-2024 إلى أن برمجة الميزانية لثلاث سنوات ما زالت تحتاج إلى تحسين، خاصة فيما يتعلق بدقة التوقعات المدرجة في وثائق الميزانية المقدمة للبرلمان.
كما أن هذه التوقعات تقتصر على السنة المقبلة فقط ولا توفر تقييمًا كاملاً حول تأثير التطورات الاقتصادية على البرمجة.
وأضاف التقرير أنه في إطار المسلسل الميزانياتي، هناك نقص في وضوح الأدوار والمسؤوليات بين الأطراف المتدخلة في البرمجة والتدبير الميزانياتي، خاصةً فيما يتعلق بالقواعد التي نص عليها القانون التنظيمي لقانون المالية.
وأكد التقرير على ضرورة تحسين تعريف الحالات الطارئة التي تبرر فتح اعتمادات إضافية وكيفية تقييم الوضع الاقتصادي الذي قد يتطلب تجميد بعض النفقات الاستثمارية.
وفيما يخص نجاعة الأداء، أكد التقرير على أن الربط بين منهجية الأداء وواقع تدبير النفقات بحاجة إلى المزيد من التحسين.
كما أن أنظمة الأداء المقترحة في مشاريع نجاعة الأداء تحتاج إلى مزيد من التنزيل الفعلي والمراقبة على مستوى القطاعات الوزارية، إضافة إلى تحسين الوصول إلى البيانات وتأهيل نظم المعلومات.
من جانب آخر، أشار التقرير إلى أنه رغم المكاسب التي حققتها أنظمة المعلومات من حيث الفعالية والموثوقية في إنتاج الوثائق الميزانياتية، فإن هناك حاجة لاستكمال وتطوير هذه الأنظمة بما يتناسب مع احتياجات القطاعات الوزارية لتحسين إعداد البرامج وتطوير عمليات المتابعة والمراقبة.
وفيما يتعلق بجودة برمجة نفقات الاستثمار، أظهر التقرير أن رغم التراجع النسبي لترحيل الاعتمادات المخصصة لهذه النفقات، إلا أن مبلغهما يظل كبيرًا، حيث يمثل نحو 13% من اعتمادات الأداء في سنة 2022.
كما أشار التقرير إلى غياب التقدير المنهجي للتكاليف المتكررة للمشاريع الاستثمارية، وهو ما قد يؤثر على تشغيل واستدامة المشاريع بعد إنجازها.
وفيما يتعلق باختيار المشاريع، أظهر التقرير أن طرق اختيار المشاريع تظل غير محددة بشكل واضح في بعض القطاعات الوزارية، حيث تفتقر المقترحات إلى المعلومات الكافية، وفي بعض الحالات تفتقر أيضًا إلى الدراسات التفصيلية.
كما أن معايير برمجة المشاريع تفتقر إلى ترتيبها حسب الأولوية وتحليل التكلفة والعائد، مما يتطلب تحسينًا في تحديد أولويات الاستثمار.
وخلص التقرير إلى أن، رغم الجهود المبذولة، فإن تنفيذ مشروع بنك البيانات للمشاريع وإنشاء إطار موحد لتسهيل برمجة النفقات الاستثمارية ما زال في طور الإنجاز.
وفي ختام التقرير، أوصى المجلس الأعلى للحسابات بضبط نفقات الدولة، خصوصًا نفقات الموظفين، دين الخزينة، ونفقات المقاصة، لتوفير هوامش ميزانياتية.
كما أوصى بتحسين دقة التوقعات المتعلقة بالبرمجة لثلاث سنوات، وتوضيح مسؤوليات الأطراف المتدخلة في البرمجة الميزانياتية، إضافة إلى تعزيز منهجية نجاعة الأداء وتحسين جودة البيانات المتعلقة بالاستثمار.