الاقتصادية

هل ساهمت الصين في إنقاذ أسعار الذهب من الهبوط في 2023؟

تتجه أسعار الذهب للارتفاع في العام الجاري، في أداء يتحدى العديد من العوامل الضاغطة على المعدن , كما قدمت مشتريات البنوك المركزية العالمية هذا العام الدعم اللازم للمعدن النفيس، في مواجهة ارتفاع الدولار وعوائد السندات وسط استمرار معركة البنوك المركزية ضد التضخم

و نجحت العقود الآجلة للذهب في تجاوز مستوى 2000 دولار للأوقية أكثر من مرة منذ بداية العام الجاري
و شهد المعدن النفيس ارتفاعًا أعلى 2000 دولار في نهاية شهر أكتوبر الماضي، قبل أن يقلص مكاسبه أدنى هذا المستوى لاحقًا

و أنهت العقود الآجلة للذهب تسليم شهر دجنبر تعاملات الأسبوع الماضي منخفضة 3% عند نحو 1938 دولار للأوقية، لتسجل أول هبوط أسبوعي في خمسة أسابيع
و رغم الهبوط المسجل في الأسبوع الماضي، لا يزال المعدن الأصفر مرتفعًا بنحو 6% منذ بداية 2023

و تماسكت أسعار الذهب في الأشهر الأخيرة جاء بالرغم من ارتفاع الدولار الأمريكي بشكل قوي وملامسة عوائد سندات الخزانة لأعلى مستوى في عقد على الأقل

و استفاد الدولار وعوائد السندات الأمريكية من رفع الاحتياطي الفيدرالي لمعدلات الفائدة من مستوى قرب الصفر في مارس 2022 إلى نطاق 5.25% و5.5% حالياً

و إن الأداء الجيد للذهب جاء أيضًا في تحدٍّ للاعتقاد المتزايد بين المستثمرين بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيبقي معدلات الفائدة “أعلى لفترة أطول” , و لا يزال بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يبدون نبرة متشددة حيال السياسة النقدية، مع تأجيل توقعات بدء خفض الفائدة إلى النصف الثاني من 2024

و قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” في الأسبوع الماضي إن البنك ليس متأكدًا من أنه فعل ما يكفي للسيطرة على التضخم، رغم تباطؤ مؤشر أسعار المستهلكين إلى 3.7% في شتنبر على أساس سنوي، من 9.1% في يونيو 2022

و تمكن الذهب من الاحتفاظ بمكاسبه هذا العام رغم صعود الدولار وعوائد سندات الخزانة الأمريكية بفضل المشتريات القوية للبنوك المركزية العالمية

كما بلغت مشتريات البنوك المركزية العالمية من الذهب في الربع الثالث من هذا العام 337 طناً، في ثالث أكبر وتيرة فصلية على الإطلاق
و في أول تسعة أشهر من 2023، بلغ صافي مشتريات البنوك المركزية العالمية 800 طن من الذهب، بزيادة 14% على أساس سنوي، ومسجلة مستوى غير مسبوق في هذه الفترة من أي عام

و قال مجلس الذهب العالمي في تقريره عن الربع الثالث من هذا العام إن البنوك المركزية العالمية استعادت الوتيرة القوية للطلب على المعدن بعد التباطؤ في الربع الثاني
و توقع مجلس الذهب وصول إجمالي المشتريات السنوية للبنوك المركزية من الذهب هذا العام للمستوى القياسي المسجل في 2022، مع احتمالية ضعيفة لتجاوز هذا الرقم

ساهم ارتفاع أسعار المستهلكين وتراجع قيمة عملات بعض الدول في التدافع لحيازة الذهب في إطار الحفاظ على القيمة
كما تسببت محاولات بعض الدول لخفض الاعتماد على الدولار الأمريكي كعملة احتياط في زيادة الطلب على الذهب من جانب البنوك المركزية

و مع توجه البنوك المركزية العالمية لشراء الذهب بوتيرة قياسية هذا العام، جاءت الصين في صدارة قائمة المشترين للمعدن النفيس , حيث شهدت الصين تراجعًا للاحتياطي الأجنبي لديها إلى 3.101 تريليون دولار بنهاية شهر أكتوبر الماضي، بالتزامن مع انخفاض اليوان بنحو 0.3% أمام الدولار

لكن البنك المركزي الصيني رفع حيازته من الذهب في الشهر الماضي إلى 71.20 مليون أونصة، ارتفاعًا من 70.46 مليون أونصة في شتنبر و كما ارتفعت قيمة احتياطي الذهب في الصين لتسجل 142.17 مليار دولار بنهاية أكتوبر من 131.79 مليار دولار في شتنبر

و شكل أكتوبر الشهر الثاني عشر على التوالي الذي يشهد قيام الصين بزيادة مشترياتها من الذهب، ليبلغ إجمالي حيازة بكين 2215 طنًّا

الصين أصبحت سادس أكبر حائز للذهب في العالم بعد الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وروسيا

على رغم من أن الصين تعتبر أكبر منتج للذهب في العالم، فإن البنك المركزي للدولة الآسيوية كان أكبر المشترين للمعدن في أول تسعة أشهر من 2023

و في عام 2022، بلغ حجم تعدين الصين من الذهب نحو 375 طن، لكن ذلك لم يمنع بنك الشعب الصيني من التدافع لحيازة المعدن طوال عام كامل
و تصدرت الصين قائمة أكثر البنوك المركزية شراءً للذهب في أول تسعة أشهر من 2023، مع السعي لتقليص اعتمادها على الدولار

بنك الشعب في الصين قام بشراء 181 طنًّا من الذهب في أول تسعة أشهر من العام الجاري، ليعادل المعدن نحو 4% من إجمالي الاحتياطي الأجنبي لدى بكين

و جاءت بولندا في المرتبة الثانية في قائمة أكبر البنوك المركزية شراءً للمعدن في أول تسعة أشهر بنحو 57 طناً، يليها تركيا بـ 39 طناً

و شكلت الصين وحدها نحو 22% من إجمالي مشتريات البنوك المركزية من الذهب في أول تسعة أشهر من هذا العام

و إن التدافع على شراء الذهب في الصين لم يتوقف على البنك المركزي فحسب، وإنما وصل إلى المستهلكين الصينيين الذين فضلوا حيازة المعدن مع هبوط العملة المحلية وضعف قطاع العقارات والاضطرابات في سوق الأسهم

و قال محللون في “بي إم أو” إن تحليلهم يشير إلى أن حيازات الذهب من جانب القطاع الخاص والبنك المركزي في الصين أعلى بكثير مما توحي به المشتريات الرسمية والطلب السنوي للمستهلكين

و تباينت رؤية المحللين لأسباب استمرار الصين في سياسة شراء الذهب بشراهة في الأشهر الماضية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى