هل تستطيع النرويج تحقيق قفزة قياسية في صادرات الغاز الطبيعي وسط تزايد الطلب الأوروبي؟
تلعب النرويج دورًا استراتيجيًا كمورد رئيسي للغاز الطبيعي لأوروبا، وأصبحت تحت الأضواء أكثر من أي وقت مضى، لذا يمثل العام الحالي نقطة تحول لصادرات الغاز النرويجية ويعكس قدرة البلاد على مواجهة التحديات الحالية وأهميتها المتزايدة في المشهد الأوروبي للطاقة.
تواصل صادارت الغاز الطبيعي النرويجية الارتفاع بصورة كبيرة وقد تتمكن هذا العام من تجاوز المستوى القياسي البالغ 117.4 مليار متر مكعب الذي تم تحقيقه في 2017، بعدما ارتفعت 10% خلال العام الحالي حتى الآن.
تعد النرويج – أكبر مورد للغاز الطبيعي لأوروبا ومثلت 30% من إمدادات الكتلة في العام الماضي – رغم انخفاض الصادرات في 2023 بنسبة 6.7% إلى 109.1 مليار متر مكعب من الغاز.
وذلك بعدما تفوقت النرويج على روسيا كأكبر مورد للغاز الطبيعي إلى أوروبا في عام 2022، عندما أضر غزو موسكو لأوكرانيا بعلاقات الطاقة التي استمرت عقودًا زمنية وتسببت في ارتفاع الأسعار.
وارتفع حجم الصادرات في نهاية يوليو من هذا العام بنسبة 10% على أساس سنوي إلى 70.2 مليار متر مكعب، بسبب تزايد الطلب من الدول الأوروبية الساعية لتعويض انخفاض الإمدادات الروسية، وتراجع أعمال الصيانة.
وذكر “فرود ليفيرسوند” المدير التنفيذي للشركة المشغلة لنظام الغاز في البلاد “جاسكو”: خلال العام الحالي حتى الآن، نحن في طريقنا للعودة للمستويات التي كنا عليها في 2022، عندما كانت الصادرات قرب أعلى مستوياتها على الإطلاق.
يذكر أن حوالي 95% من صادرات الغاز النرويجية تمر عبر خطوط الأنابيب، بينما تأتي 5% من الغاز الطبيعي المسال خارج نظام “جاسكو”.
تلعب شبكة خطوط الأنابيب النرويجية البالغ طولها 8800 كيلومتر دورًا حاسمًا بالنسبة لاستقرار الطاقة في أوروبا، حيث تربط النرويج بأسواق رئيسية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا والدنمارك.
صيانة البنية التحتية
أصبحت أهمية البلاد لأمن الطاقة في أوروبا واضحة في الصيف الماضي، عندما تسبب الأعمال غير المخطط لها في بعض مرافقها في إحداث توترات في الأسواق، تمامًا كما كانت المنطقة تعيد بناء مزيج الطاقة الخاص بها بعد فقدان الكثير من تدفقات خطوط الأنابيب الروسية.
تشكل عمليات صيانة البنية التحتية تحديًا كبيرًا، لأنه في نهاية أغسطس تدخل شبكة خطوط الأنابيب مرحلة من الصيانة المكثفة من أجل إعداد النظام لذروة الطلب في الشتاء، ويمكن أن تؤثر أي اضطرابات في تدفق الغاز الطبيعي من النرويج أثناء موسم الصيانة على سبيل المثال على أسعار الغاز.
ورغم تأكيد “جاسكو” – المسؤولة عن عمليات وصيانة خطوط الأنابيب – على أن الشبكة ستكون جاهزة لهذه المطالب، إلا أن أي انقطاعات غير متوقعة خلال هذه المرحلة قد تؤثر على أحجام التصدير مع عواقب محتملة على أسعار الغاز في أوروبا.
وتعمل “جاسكو” على تكثيف عمليات التفتيش لضمان سلامة خطوط الأنابيب ومنع أي خطر للتخريب، وذلك منذ الحوادث التي وقعت على خطوط أنابيب “نورد ستريم” في 2022.
وفي ظل عدم اليقين المرتبط بالطلب الشتوي والتوترات الجيوسياسية المحتملة في نهاية العام الحالي، فإن الإدارة الفعالة للبنية الأساسية خلال فترة الصيانة، جنبًا إلى جنب مع الاستقرار الجيوسياسي، سيكون المحور الرئيسي لتلبية أو تجاوز الرقم القياسي للصادرات المسجل عام 2017.
استثمارات وسيناريوهات متوقعة للإنتاج
على مدار سنوات، استثمرت النرويج بكثافة في البنية التحتية للطاقة المتجددة إلى جانب استثمارها في إنتاج كميات هائلة من النفط والغاز.
لكن مع زيادة الضغوط من المنظمات الدولية للحد من إنتاج النفط ونقص الاستكشافات الجديدة، ومخاوف من تراجع الطلب العالمي على الوقود الأحفوري في العقود المقبلة، قد يبدأ إنتاج البلاد في التراجع في وقت مبكر من 2025.
وتتوقع الهيئة التنظيمية للأنشطة البحرية في البلاد بدء إنتاج النفط والغاز النرويجي في التراجع من العام المقبل في حال لم تسع الحكومة لأنشطة استكشاف جديدة للحفاظ على إنتاج النرويج.
وحسب تقديرات الهيئة، فإن النرويج لديها احتياطات قدرها 7.1 مليار متر مكعب من المكافىء النفطي، وحوالي 3.5 مليار متر مكعب من الموارد غير المكتشفة.
وحددت الهيئة 3 سيناريوهات محتملة بشأن مصير صناعة الهيدروكربون في النرويج بين عامي 2025 و205، والتي تلتزم جميعها بأهداف اتفاقية باريس، وتشهد كلها تراجعًا في الإنتاج.
سيناريوهات محتملة لإنتاج النفط والغاز في النرويج |
|
السيناريو |
التوضيح |
السيناريو الأساسي |
سيظل نشاط الاستكشاف عند المستوى الحالي على مدى السنوات القليلة المقبلة ثم يتراجع. يرتفع خلال هذا السيناريو إنتاج النفط والغاز إلى 243 مليون متر مكعب أو 8.5 مليار قدم مكعب من المكافىء النفطي في العام المقبل. ثم يتراجع تدريجيًا حتى يصل إلى 83 مليون متر مكعب من المكافىء النفطي في 2025، بسبب تراجع في أكبر الحقول في البلاد.
|
السيناريو المنخفض |
هنا يبدأ الانتاج في الانخفاض بداية من العام المقبل حتى يصل إلى ما يقرب من الصفر في 2050. مع تحول الآبار المحفورة في بحر بارنتس إلى آبار جافة أو تنتج اكتشافات صغيرة، ورغم محاولة الشركات في بحر الشمال وبحر النرويج في تحفيز المرافق القائمة للمزيد من الاستكشافات إلا نها ستكون صغيرة أيضًا في ظل هذا السيناريو. |
السيناريو المرتفع |
من المتوقع هنا أن يظل الإنتاج عند مستوى مرتفع على مدى العقد المقبل، قبل تراجعه تدريجيًا إلى 120 مليون متر مكعب من النفط الخام في 2050. |