هل الاقتصاد الأمريكي يقترب من مرحلة الركود؟
تزايدت المخاوف في الأونة الأخيرة حول دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة الركود الاقتصادي بالتزامن مع تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي بفعل التوترات التجارية العالمية وبخاصة بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما كان له تأثير سلبي على الاقتصاد الأمريكي، وذلك على تأكيد صانعي القرار في الولايات المتحدة على أن تباطؤ النمو الاقتصادي لا يشير إلى أن ركود اقتصادي يلوح في أفق الولايات المتحدة الأمريكية.
ولكن ما أثار المخاوف العالمية بشأن اقتراب حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة هو العائد على السندات الأمريكية والذي شهد ظاهرة تسمى بمنحنى العائد المعكوس، حيث انخفض العائد على السندات الأميركية طويلة الأجل إلى ما دون العائد على السندات قصيرة الأجل، والذي يعني بأن المستثمرين يتوقعون انخفاض أسعار الفائدة في المستقبل وبخاصة في ظل الطلب المتزايد على السندات طويلة الأجل والذي أدى إلى انخفاض العائد عليها.
وتاريخياً، فإنه دائما ما يحدث منحنى العائد المعكوس خلال فترات تسبق الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة، حيث أكدت عدة تقارير اقتصادية بأن منحنى العائد المعكوس دائمًا ما يكون مقدمة لحدوث الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة وهو ما حدث خلال الـ 50 عاماً الماضية وذلك باستثناء عام 1998، وعلى سبيل المثال، فإن ظهور منحنى العائد المعكوس على عائد سندات الخزانة الأمريكية في عام 2000 كان مقدمة لانهيار أسواق الأسهم الأمريكية مباشرة.
وفي الأسبوع الماضي، انخفض العائد على السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى ما دون دون العائد على أذون الخزانة لأجل 3 شهور، وهو ما أثار المخاوف بشأن احتمالية حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة قريباً. ورغم ذلك، سارع صانعي القرار في الولايات المتحدة إلى التأكيد على أن ظاهرة منحنى العائد المعكوس لا يعني بأن الاقتصاد الأمريكي يقترب من دخول مرحلة الركود الاقتصادي وعلى رأسهم محافظ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، والذي أكد على أنه لن يحدث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة قريباً وذلك رغم تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي وبخاصة في ظل عدم وجود أسباب تستدعي الحيلولة دون استمرار نمو الاقتصاد الأمريكي.
وعلى الجانب الاَخر، توقعت بعض البنوك العالمية بأن يحدث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة وعلى رأسهم بنك كريدي سويس والذي أكد على أن الاقتصاد الأمريكي لا يشهد ركوداً اقتصادياً في الوقت الراهن، ولكنه يتجه إلى الركود الاقتصادي خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي وبخاصة وأن أسواق السندات تعتبر أفضل مؤشر على اتجاهات السوق والاقتصاد الأمريكي، وفي ظل ما قدمته الأسهم من إشارات متضاربة في ظل المخاوف من تباطؤ التضخم والنمو الاقتصادي خلال الفترة المقبلة.
وبالتالي، يمكن القول بأنه على الرغم من تأكيد المسؤولين على أن الولايات المتحدة لن تشهد ركود اقتصادي في الأفق القريب، إلا أن هذه التصريحات لا تكفي لطمأنة الأسواق والمستثمرين حول اقتراب الركود وبخاصة في ظل تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي الأمريكي، وضعف معدلات التضخم، بالإضافة إلى انعكاس منحنى العائد على السندات الأمريكية والذي قد يكون مؤشراً على الركود كما ذكرنا.