هل اقتربت الصين من إنهاء هيمنة الدولار على معاملاتها الخارجية؟
هيمنت العملة الأمريكية على الاقتصاد العالمي والمعاملات التجارية بين أطرافه على مدار عدة عقود منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وصعود الولايات المتحدة كقطب عالمي على الصعيدين الاقتصادي والسياسي وتسلمها الراية من المملكة المتحدة.
لكن الساحة الدولية شهدت عدة تطورات بارزة منذ ذلك الحين، وخاصة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينيات القرن الماضي وانفراد الولايات المتحدة بالدور القيادي العالمي، لكن حقبة العقدين أو الثلاثة عقود الماضية تميزت بصعود قوى اقتصادية جديدة لعل أبرزها الصين.
وصاحب هذه التطورات، وتغير ترتيب القوى الاقتصادية بين الشرق والغرب، رغبة في التخلص من هيمنة الدولار على المعاملات بين الدول، وخاصة في ظل حالة الاستقطاب العالمي الراهنة مع ظهور تكتلات وتحالفات اقتصادية جديدة.
وباعتبارها ثاني أكبر القوى الاقتصادية العالمية، ونظراً للتنافسية الشديدة بينها وبين أمريكا على أصعدة عدة، بدأت الصين في التخلص من الدولار في معاملاتها التجارية الخارجية منذ مطلع العقد الماضي، وباتت غالبية معاملات الصين مع العالم الخارجي تتم بعملتها المحلية منذ بداية عام 2023 بعد انتهاء أزمة الوباء، وعقب نشوب الحرب بين حليفتها روسيا، وأوكرانيا المدعومة من المعسكر الغربي.
وعند العودة إلى عام 2010 حين كانت الصين لا تزال تُطور من قدراتها الاقتصادية، استحوذ الدولار الأمريكي على أكثر من 84% من المعاملات الصينية العابرة للحدود، مقابل حصة أقل من 1% بالنسبة لعملتها المحلية.
ونجحت الصين في تقليص هذه الفجوة بدرجة كبيرة منذ ذلك الحين، حيث تراجعت حصة الدولار في المعاملات الخارجية الصينية إلى قرابة 54% خلال السنوات العشر التالية، ثم إلى نحو 42% نهاية الربع الأول من العام الجاري.
وفي المقابل، زادت حصة اليوان (أو الرنمينبي كما يطلق عليه في التسمية الرسمية) من 0.3% فقط في عام 2010، إلى 39% في 2020، وإلى 53% في مارس الماضي.
وبدأت الولايات المتحدة ذاتها تستشعر اكتساب الجهود العالمية للتخلص من هيمنة الدولار مزيداً من الزخم خلال السنوات الأخيرة، حيث ذكر “كريستوفر والر” عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي في تصريحات نُشرت مطلع هذا الأسبوع، أن عددا من الدراسات أظهرت ارتباط العقوبات المالية والبعد الجيوسياسي عن الولايات المتحدة بانخفاض حصص الدولار في احتياطيات النقد الأجنبي للدول.
كما أن السياسات الداعمة لدور اليوان الصيني على الصعيد الدولي من شأنها التقليل من هيمنة الدولار، وأشار إلى أن دور الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي آخذ في التغير، ولعل من أبرز التحديات التي تواجه العملة الأمريكية هي العلاقة المعقدة بين الدولار والجغرافيا الاقتصادية.
إذ يمكن للعقوبات المفروضة على روسيا، والجهود الصينية لتعزيز استخدام عملتها المحلية أن تؤثر على الاستخدام الدولي للدولار كمخزن للقيمة.
وفي حين ما زالت حصة اليوان في المعاملات الدولية صغيرة إلى حد ما، لكنه اكتسب أرضية جيدة على الساحة العالمية خلال العقد الماضي، وخاصة مع تراجع الاعتماد على عملات كانت شائعة في هذه المعاملات مثل اليورو والين.
تطور حصص عملات رئيسية في تسويات المعاملات الدولية خلال عقد |
||||||
العملة |
|
2013 |
|
2022 |
|
التغير (%) |
الدولار الأمريكي |
|
%87 |
|
%88.5 |
|
+1.5 |
اليورو |
|
%33.4 |
|
%30.5 |
|
(2.9) |
الين |
|
%23 |
|
%16.7 |
|
(6.3) |
الجنيه الإسترليني |
|
%11.8 |
|
%12.9 |
|
+1.1 |
اليوان |
|
%2.2 |
|
%7 |
|
+4.8 |