هدف 300 شركة مُدرجة بحلول 2035: هل يُمكن لبورصة الدار البيضاء تحقيقه؟
تسعى بورصة الدار البيضاء، واحدة من الأسواق المالية البارزة في شمال إفريقيا، إلى رفع عدد الشركات المُدرجة بها إلى 300 شركة بحلول عام 2035.
و يشكل هذا الهدف جزءًا من خطة طموحة لتطوير السوق المالي المغربي، ولكن تحقيقه يواجه تحديات عديدة في ظل محدودية الطروحات العامة في السنوات الأخيرة.
خلال عام 2024، شهدت بورصة الدار البيضاء طرحًا عامًا واحدًا فقط، ولكن مؤشر السوق الرئيسي سجل مستويات قياسية، مما يعكس أداءً إيجابيًا رغم قلة الاكتتابات.
و على الرغم من هذا الأداء المتميز، لا يزال هناك تحدي كبير يتمثل في تحفيز الشركات على إدراج أسهمها في السوق.
وفقا لأحدث البيانات الاقتصادية، تضم البورصة حاليا 77 شركة مُدرجة بقيمة سوقية تقارب 75 مليار دولار.
ولكن بالرغم من هذه القيمة السوقية الكبيرة، لم تتمكن بورصة الدار البيضاء من جذب عدد كبير من الطروحات الأولية، حيث سجلت السوق فقط 6 طروحات منذ عام 2020، جمعت 420 مليون دولار، وهو رقم بعيد عن الهدف المستقبلي الطموح.
من العوامل التي تحد من إقبال الشركات على الإدراج هي الإجراءات التنظيمية المعقدة والتكاليف المرتفعة المرتبطة بالإدراج، مما قد يجعل بعض الشركات تفضل تأجيل أو تجنب خطوة الطرح العام.
كما أن العديد من الشركات قد تتردد في إدراج أسهمها بسبب الشكوك المتعلقة بالفوائد المالية والسمعة التي قد تنجم عن هذه الخطوة.
ورغم هذه التحديات، فإن بورصة الدار البيضاء توفر العديد من المزايا، مثل الوصول إلى تمويل أكبر وزيادة القدرة التنافسية في الأسواق المالية العالمية.
ومع ذلك، يحتاج السوق المغربي إلى تعزيز أدواته المالية وتقديم خيارات مبتكرة لجذب المستثمرين، مثل الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs) والمنتجات المالية الموجهة للمستثمرين المبتدئين.
علاوة على ذلك، يمكن أن تسهم تكنولوجيا التداول المتقدمة وتحليل البيانات في تحسين الشفافية وتسريع العمليات، مما يعزز من ثقة الشركات والمستثمرين في السوق.
من المهم تبني هذه التوجهات في وقت مبكر لتوفير بيئة مالية مبتكرة تسهم في جذب الشركات المستعدة للإدراج.
بفضل موقعه الاستراتيجي في شمال إفريقيا واستقرار مناخ الاستثمار، يمكن للمغرب أن يصبح وجهة مميزة للشركات الأجنبية الراغبة في الإدراج في بورصة الدار البيضاء.
تعزيز السياسات المالية وتوسيع قاعدة الشركات المدرجة، خصوصًا في قطاعات مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة، سيكون من العوامل الرئيسية لتحقيق هذا الهدف.
لتعزيز النمو المستقبلي، من الضروري تبسيط قوانين الإدراج وتقليل الأعباء المالية على الشركات الراغبة في الطرح العام، مما سيشجع المزيد من الشركات على الاستفادة من الفرص التي تقدمها البورصة.
كما أن توفير آليات تمويل مرنة ودعماً للشركات الصغيرة والمتوسطة سيسهم في رفع حجم السوق وجذب المزيد من الاستثمارات.
كما يمكن للحملات التسويقية الفعالة على المستوى الدولي أن تلعب دورًا مهمًا في جذب رؤوس الأموال الأجنبية والشركات متعددة الجنسيات، مما يعزز مكانة بورصة الدار البيضاء في الأسواق المالية العالمية.
في الختام، يمكن لبورصة الدار البيضاء أن تحقق تقدمًا ملموسًا نحو هدفها بزيادة عدد الشركات المدرجة إلى 300 بحلول عام 2035، إذا تم تبني خطة استراتيجية تجمع بين التحسينات في البنية التحتية والتكنولوجيا، بالإضافة إلى جذب المستثمرين المحليين والدوليين.
إن تحقيق هذا الهدف سيعزز من دور المغرب كمركز مالي إقليمي ويمنح الاقتصاد الوطني دفعة قوية نحو المستقبل.