ميناء تشانكاي: استثمار صيني طموح يواجه تحديات جغرافية ولوجستية في أمريكا الجنوبية
استثمرت الصين 1.3 مليار دولار في إنشاء ميناء تشانكاي في بيرو، بهدف تحسين وصول المنتجات الزراعية من أمريكا الجنوبية إلى الأسواق العالمية، وخاصة الصين. إلا أن تحقيق العوائد المتوقعة قد يواجه تحديات تفوق التوقعات.
شهد الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيرته البيروفية دينا بولوارتي حفل افتتاح الميناء في القصر الرئاسي بالعاصمة ليما.
و يمثل هذا المشروع خطوة جديدة في استراتيجية الصين لتعزيز تجارتها مع أمريكا الجنوبية، في وقت تتزايد فيه القيود التجارية العالمية، لا سيما مع السياسات المتوقعة من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
يقع ميناء تشانكاي على بعد 70 كيلومتراً شمال ليما، ويُدار بشكل رئيسي من شركة “كوسكو شيبينغ” الصينية. رغم أن الميناء يقلص زمن شحن البضائع بين الصين وأمريكا الجنوبية، إلا أن العقبات الجغرافية تجعل النقل من البرازيل إلى الساحل الغربي لبيرو تحدياً كبيراً.
نقل السلع الزراعية من المناطق الرئيسية بالبرازيل يتطلب عبور غابات الأمازون وسلاسل جبال الأنديز، ما يتسبب في تكاليف نقل مرتفعة وصعوبات لوجستية بسبب قلة الطرق المعبدة وانعدام خطوط السكك الحديدية.
يأتي هذا الاستثمار في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. دفعت الحرب التجارية بكين إلى زيادة اعتمادها على البرازيل كمصدر للسلع الزراعية، مثل فول الصويا، مع تراجع المشتريات من الولايات المتحدة خلال ولاية ترامب الأولى.
ويرى خبراء أن الميناء يمكن أن يُعزز العلاقات التجارية بين الصين وأمريكا الجنوبية، ويساعد على تنويع الأسواق، لكنه يعتمد على تحسين البنية التحتية للنقل وربط الموانئ بشكل أفضل مع المناطق الزراعية.
قال وزير المالية البيروفي خوسيه أريستا إن نجاح المشروع يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية والتعاون الإقليمي لتحسين الجدوى الاقتصادية.
وأضاف أن التكامل مع الدول المجاورة، مثل البرازيل، أمر أساسي لتعزيز أهمية الميناء على الصعيد الإقليمي.
و أشار ألفريدو ثورن، وزير المالية البيروفي السابق، إلى أن ميناء تشانكاي قد يجعل بيرو مركزاً إقليمياً لتصدير السلع إلى آسيا، لكنه أكد أن تحسين العلاقات التجارية مع البرازيل واستثمارات جديدة في الطرق والمواصلات أمر لا غنى عنه.
بينما ترى الجماعات الزراعية في الولايات البرازيلية القريبة من الحدود مع بيرو فرصاً واعدة في الميناء، تبقى البنية التحتية الحالية عائقاً كبيراً.
و أشار أسويرو دوكا فيرونيز، رئيس اتحاد الزراعة وتربية الماشية في ولاية أكري البرازيلية، إلى أن التكلفة المرتفعة للنقل قد تعوق الاستفادة الكاملة من المشروع، مؤكداً الحاجة إلى تحسين الطرق والمرافق اللوجستية.
رغم الطموح الكبير وراء ميناء تشانكاي، فإن تحديات الجغرافيا والبنية التحتية تجعل تحقيق العوائد الاستثمارية مرهوناً بتعاون إقليمي واسع واستثمارات إضافية لتحسين شبكة النقل.
و في ظل هذه الظروف، يبقى الميناء مشروعاً استراتيجياً قد يعيد تشكيل التجارة بين آسيا وأمريكا الجنوبية، لكنه يحتاج إلى وقت ومجهود لتحقيق الإمكانات الكاملة.