أداء قطاعات بورصة الدار البيضاء في الربع الثالث 2024: من البنوك إلى التعدين
رغم تسجيل الشركات المدرجة في بورصة الدار البيضاء زيادة بنسبة 5.3% في الإيرادات خلال الربع الثالث من عام 2024، فإن مؤشر مازي شهد تراجعًا بنسبة 2% منذ 20 نونبر، ما يعكس تغيرًا واضحًا في اتجاهات السوق.
هذا التراجع يظهر أن السوق لم يعد يكتفي بالنتائج المتواضعة، بل يتطلب نتائج استثنائية تبرر التقييمات المرتفعة. في هذا السياق، تتفوق الشركات التي تحقق نموًا مستدامًا ومتسارعًا على تلك التي تقدم تحسنًا محدودًا.
وفقًا لتقرير مركز التجاري للأبحاث (AGR)، شهدت عائدات الشركات المدرجة في البورصة زيادة ملحوظة بنسبة 5.3%، وهي أعلى زيادة في آخر ستة أرباع.
ولكن، وعلى الرغم من هذا التحسن، لم يواكب مؤشر مازي هذا الأداء، إذ انخفض بنسبة 2% منذ منتصف نونبر .
هذا التراجع يعكس حقيقة أن السوق أصبح أكثر انتقائية، حيث أن المستثمرين لم يعودوا راضين عن النمو البسيط، بل يطالبون بنتائج متميزة تتناسب مع التقييمات المرتفعة.
بينما أظهرت العديد من القطاعات أداءً ماليًا قويًا، أصبح المستثمرون أكثر انتقائية، مع مطالبتهم الشركات بالحفاظ على نمو مستدام لضمان تعزيز قيمتها السوقية.
و تتضح هذه الانتقائية في التباين بين الأداء المالي الجيد لبعض القطاعات ورد فعل السوق، كما يظهر في تقرير AGR:
القطاع البنكي: رغم النمو بنسبة 9% في صافي الدخل المصرفي، فإن القطاع لا يزال يواجه تحديات في زيادة قيمته السوقية.
قطاع التعدين: حقق القطاع نموًا قويًا بنسبة 18% في الإيرادات، لكن رسملته لم ترتفع سوى بنسبة 1.2% فقط، مما يشير إلى أن السوق لم يكن متحمسًا لهذا النمو.
قطاع البناء: رغم تحقيق زيادة بنسبة 18% في الإيرادات، تراجعت رسملته بنسبة 5.1%.
قطاع الأسمنت: بعد تراجع بنسبة 8% في الربع الثاني، عاد القطاع للنمو بنسبة 10% في الإيرادات، لكن رسملته تراجعت بنسبة 1.8%.
و تشير نتائج الربع الثالث إلى أن النمو التقليدي لم يعد كافيًا لجذب انتباه المستثمرين. بل أصبح من الضروري أن يكون النمو متسارعًا ومستدامًا لتلبية متطلبات السوق.
المستثمرون الآن يبحثون عن استثمارات تحقق نموًا طويل الأمد وتقدم آفاقًا مستقبلية واضحة، مما يجعل كل نقطة نمو أكثر أهمية.
و أصبح المستثمرون أكثر قدرة على التمييز بين الأداء الفعلي للشركات والتأثيرات الاقتصادية العامة. التركيز الآن منصب على قدرة الشركات على الحفاظ على النمو في بيئة ما بعد التضخم، وتحسين هوامش الربح، والاستثمار في المستقبل لضمان استدامة الإيرادات.
هذا التحول في التفكير يجعل السوق أكثر انتقائية في اختياراتها.
يعد الربع الثالث من 2024 نقطة تحول في سوق الأسهم المغربية، حيث يواجه المستثمرون تحديات كبيرة في ظل التقييمات المرتفعة وبيئة اقتصادية غير مستقرة.
الطلب الآن على الشركات التي تقدم نتائج تفوق التوقعات وتوفر آفاقًا مستقبلية قوية يمكنها تبرير الأسعار الحالية.
في هذا السياق، الشركات التي تستطيع تقديم أداء يتجاوز التوقعات وتطرح خططًا استراتيجية قوية للمستقبل ستكون هي التي تجذب انتباه الأسواق.
مع تزايد الطلب على عوائد أعلى على كل درهم مستثمر، يبقى الأداء المالي الممتاز هو العامل الحاسم لاستعادة ثقة المستثمرين في ظل السوق الانتقائي.