مليارات المساهمة الإبرائية: هل كانت الفائدة للاقتصاد الوطني أم للبنوك فقط؟
أعلن مكتب الصرف مؤخراً عن تحقيق إيرادات قياسية من المبالغ المالية المصرح بها لدى الأبناك في إطار المساهمة الإبرائية، ما دفع العديد من المتتبعين للشأن الاقتصادي المغربي إلى التساؤل عن دور المؤسسات البنكية في هذه العملية، والتي تُعتبر المستفيد الأول من هذه الأموال.
فقد شهدت الأبناك المغربية تدفق مئات المليارات من الدراهم خلال فترة وجيزة، نتيجة عملية التسوية التلقائية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل استفادت هذه الأبناك من هذه السيولة المالية بشكل يخدم الاقتصاد الوطني؟
الواقع يشير إلى أن المؤسسات البنكية قد استخدمت هذه الأموال لزيادة أرباحها عبر منح القروض التجارية والربحية، مما جعلها المستفيد الأكبر من هذا المبلغ الضخم.
وتساءل العديد من الخبراء عن مدى التزام هذه الأبناك بالمسؤولية الوطنية في سياق السياسات الاجتماعية التي تطلقها الدولة، مثل توفير السكن للجميع وتعميم الرعاية الصحية، وهي مشاريع اجتماعية تحت إشراف جلالة الملك.
ويؤكد هؤلاء الخبراء على ضرورة أن تساهم الأبناك بشكل فعلي في هذه المشاريع من خلال خفض الفوائد المرتفعة على القروض العقارية، وهو ما من شأنه أن يساهم في تعزيز سياسة الدولة الرامية إلى توفير سكن كريم للمواطنين.
ومع ذلك، لم تصدر أي مبادرات عن الأبناك أو المجموعة المهنية للبنوك في المغرب بشأن دعم مشاريع الدولة في قطاعات السكن، الطرق، الصيد البحري، أو البنية التحتية الخاصة بمونديال 2030.
وهو ما يثير التساؤل حول مدى التزام هذه المؤسسات بمسؤولياتها الاجتماعية.
وفي الوقت الذي سجلت فيه الأبناك المغربية مئات المليارات من المساهمات الإبرائية، لم يظهر أي تحرك فعلي منها تجاه دعم الاقتصاد الوطني أو تعزيز التنمية الاجتماعية.
ولم يسمع المواطن المغربي أي خطوات من هذه الأبناك لدعم البرامج الاجتماعية التي تعتني بها الدولة.
وفي هذا السياق، أعلن مكتب الصرف في بلاغ حول حصيلة العملية التي أُطلقت بموجب المادة 8 من قانون المالية رقم 23-55 للسنة المالية 2024، أن الأصول المالية تصدرت المكونات المصرح بها بقيمة 916,2 مليون درهم، بنسبة 45% من إجمالي المبلغ، تلتها العقارات التي بلغ مجموعها 868,3 مليون درهم (43%)، بينما جاءت الموجودات النقدية في المرتبة الأخيرة، بقيمة 244,7 مليون درهم (12%).
وأشار المكتب إلى أن مجموع مداخيل المساهمة الإبرائية لفائدة الخزينة قد بلغ 231,76 مليون درهم، وهي أرقام تعكس حجم الأموال التي تم تحصيلها، دون أن تترجم إلى مشاريع تنموية ملموسة من قبل المؤسسات البنكية.