مع تراجع اكتشافات النفط والغاز لأدنى مستوى على الإطلاق .. هل تتحقق تحذيرات أوبك؟
انخفضت كميات النفط والغاز الطبيعي التي تم اكتشافها عالمياً في العام الماضي لمستوى قياسي متدن، بالتزامن مع ارتفاع التكلفة بشكل حاد.
ومع استمرار نمو الطلب العالمي على النفط والغاز، يهدد التراجع التاريخي للاكتشافات الجديدة بأزمة محتملة في سوق الطاقة إذا استمر هذا الاتجاه في الفترة المقبلة.
تراجع قياسي للاكتشافات
– تراجعت اكتشافات النفط والغاز حول العالم خلال العام الماضي لأدنى مستوى على الإطلاق عند 5 مليارات برميل يومياً من النفط المكافئ.
– تعتبر هذه الاكتشافات المسجلة في 2023 أقل من نصف مستويات عام 2022 عند 10.5 مليار برميل من النفط المكافئ، بحسب بيانات منتدى الدول المصدرة للغاز والصادرة الأسبوع الماضي.
– أشارت البيانات إلى أن 60% من إجمالي الاكتشافات في 2023 كانت مرتبطة بالنفط، بينما كانت النسبة المتبقية خاصة بالغاز.
– على جانب آخر، فإن 41% من الاكتشافات الجديدة في العام الماضي تمت في المياه العميقة للغاية، بينما كانت 30% أخرى في قطاعات المياه العميقة.
– بينما فيما يتعلق بالتوزيع الجغرافي، فإن الجزء الأكبر من الاكتشافات الجديدة في عام 2023 تمت في آسيا بنسبة 23%، تليها أمريكا اللاتينية بنحو 21% من إجمالي الاكتشافات الجديدة للنفط والغاز.
– في حين جاءت أوروبا وأفريقيا في المركز الثالث بشكل متساوي، حيث سيطرت القارتين على 11% لكل منهما فيما يتعلق باكتشافات النفط والغاز العام الماضي.
*اكتشافات النفط والغاز الطبيعي مقارنة بالاستثمارات في التنقيب
ارتفاع حاد للتكاليف
– تسبب تراجع الكميات المكتشفة من النفط والغاز العام الماضي في ارتفاع حاد لهامش تكلفة العثور على الخام.
– جاء تراجع اكتشافات النفط والغاز بالتزامن مع ارتفاع تكاليف التنقيب بنحو الضعف تقريبًا، ليصعد إلى 5.30 دولار لكل برميل مكافئ من الغاز الطبيعي من 2.60 دولار في عام 2022.
– فيما يتعلق بالنفط، ارتفعت تكلفة التنقيب عن البرميل من 3.50 دولار في 2022 إلى نحو 8.80 دولار للبرميل العام الماضي.
– أشار منتدى الدول المصدرة للغاز إلى أن ارتفاع تكاليف التنقيب قد يكون بسبب أن معظم الاكتشافات الجديدة جاءت من المناطق البحرية العميقة، والتي تحتاج تكلفة أكبر.
– يواجه نشاط الاستكشافات العالمي تحديات متصاعدة، مع تركز القيمة العالية من النفط والغاز في مواقع جغرافية أكثر صعوبة، ما يزيد من التكلفة اللازمة للاستكشاف.
– كما جاء ارتفاع التكاليف مع النتائج المخيبة للآمال في بعض الآبار الاستكشافية البحرية الرئيسية، والتي فشلت في تحقيق النتائج المتوقعة.
– شدد منتدى الدول المصدرة للغاز على أن انخفاض أحجام الاكتشافات الجديدة يظهر أهمية تخصيص المستويات الكافية من الموارد للاستثمارات الاستكشافية.
– لكن المنتدى أشار إلى أنه رغم التحديات التي شهدها العام الماضي مع تسجيل أدنى عمليات استكشاف على الإطلاق، فإنه مع القيام باستثمارات كافية في التنقيب عن النفط والغاز هذا العام، سيتم إحياء نشاط التنقيب مجددًا.
دعوات وتوقعات سلبية
– تزامن تراجع الاستكشافات في قطاع النفط والغاز لمستويات قياسية متدنية مع الدعوات بشأن وقف الاستثمارات الجديدة في الوقود الأحفوري.
– دعت وكالة الطاقة الدولية مرارًا إلى عدم القيام باستثمارات في مشروعات جديدة للوقود الأحفوري، مبدية اعتقادها بأن ذلك هو السبيل لخفض انبعاثات الكربون.
– كما توقعت الوكالة التي تمثل الدول الصناعية المستهلكة للطاقة وصول الطلب العالمي على النفط للذروة قبل عام 2030.
– لكن دعوات وكالة الطاقة وتوقعاتها تعرضت لانتقادات شديدة من جانب العديد من اللاعبين الرئيسيين في صناعة الطاقة عالمياً، معتبرين أنها تهدد أمن الطاقة وآفاق الاقتصاد العالمي.
– قال “أمين الناصر” رئيس شركة “أرامكو” السعودية في مؤتمر للطاقة خلال شهر مارس الماضي إن العالم يواصل اعتماده على الوقود الأحفوري، مشيرًا إلى ضرورة دعم التوسع في عمليات النفط والغاز عالمياً لضمان أمن الطاقة في مواجهة الطلب المتنامي.
– كما أبدى العديد من اللاعبين في صناعة الطاقة عالمياً في مؤتمر “سي إس آر إيه ويك” الذي نظمته “إس آند بي جلوبال إنرجي” في هيوستن الأمريكية اعتقادهم بضرورة تمويل مشروعات النفط والغاز لحين وجود مصادر بديلة للطاقة مستقرة وكبيرة بشكل كافي لتلبية الطلب العالمي على الطاقة.
– قال “وائل صوان” الرئيس التنفيذي لشركة “شل” إن العالم سيظل في حاجة إلى النفط وصولاً إلى عام 2050، لكنه شدد على ضرورة أن تنخفض الانبعاثات بشكل أكبر.
– كما توقعت منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” استمرار نمو الطلب العالمي على النفط حتى منتصف العقد المقبل على الأقل، محذرة من أن دعوات وقف الاستثمارات في الوقود الأحفوري تهدد بأضرار عالمية كبيرة.
مخاوف وتحذيرات متصاعدة
– تدعم البيانات الأخيرة بشأن تراجع استكشافات النفط والغاز وجهة نظر منظمة “أوبك” بأن الصناعة لا تستثمر بما يكفي في إمدادات النفط والغاز الجديدة، رغم ارتفاع الطلب المستمر.
– تلقي “أوبك” باللوم في ذلك الاتجاه على تثبيط الاستثمار من جانب المؤيدين لتحول الطاقة بشكل سريع.
– حذر “هيثم الغيص” الأمين العام لمنظمة “أوبك” من أن التوقعات الخاطئة بشأن قرب الوصول لذروة الطلب على النفط ودعوات وقف الاستثمارات في القطاع قد تؤدي إلى عجز في السوق وارتفاع الأسعار.
– قد يؤدي ارتفاع تكاليف الاستكشافات والتحديات التي تواجه العثور على نفط وغاز جديد إلى تثبيط نمو الاستثمار في هذا القطاع.
– من شأن تراجع الاستثمارات في القطاع أن يدعم مخاوف “أوبك” بشأن العجز الهيكلي الذي يلوح في الأفق في أسواق النفط، في الوقت الذي يستمر فيه نمو الطلب على النفط.
– شدد الأمين العام لمنظمة “أوبك” مؤخرًا على الحاجة إلى زيادة الاستثمارات في صناعة الطاقة، من أجل تلبية الطلب على الطاقة عالمياً والحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي.
– أشار “الغيص” إلى أن قطاع التنقيب والإنتاج يحتاج استثمارات بقيمة 11.1 تريليون دولار بحلول عام 2045.
– حذر “الغيص” من أنه يتم نسيان أن الهدف الرئيسي لاتفاق باريس بشأن تغير المناخ كان خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة، مشيرًا إلى أنه يتم حالياً التركيز على سرديات لتقليل الطلب على الهيدروكربونات دون التفكير في التداعيات على أمن الطاقة أو التنمية الاقتصادية أو الحد من فقر الطاقة.
– تتوقع أبحاث أوبك حدوث عجز في سوق النفط يتجاوز 16 مليون برميل يومياً بين توقعات الطلب والمعروض من الخام بحلول عام 2030، في حال توقف أنشطة التنقيب عن النفط الآن.
– شدد “الغيص” على أنه رغم إنفاق العالم أكثر من 9.5 تريليون دولار على تحول الطاقة على مدى العقدين الماضيين، فإن الرياح والطاقة الشمسية لا تزال تمثل أقل من 4% من الطاقة عالمياً، كما أن السيارات الكهربائية تشكل بين 2% و3% من المركبات حول العالم.