مشروع نفق جبل طارق: جسر ثوري بين قارتين لتعزيز التعاون الاقتصادي بين المغرب وإسبانيا
عاد مشروع النفق الذي يربط المغرب بإسبانيا تحت مضيق جبل طارق إلى الواجهة بعد 37 عامًا من العمل المستمر، ليصبح أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق حلم ربط القارتين الأوروبية والإفريقية عبر هذا المعبر المائي التاريخي.
و عند اكتماله، سيتيح هذا النفق للقطارات عبور المضيق في زمن قياسي لا يتجاوز 30 دقيقة فقط.
يعد هذا المشروع المثير نتيجة للتعاون المستمر بين المملكة المغربية وإسبانيا، وهدفه ليس فقط تسهيل حركة التنقل بين القارتين، بل أيضًا تعزيز التبادلات الاقتصادية والثقافية والإنسانية بين أوروبا وإفريقيا.
ومنذ بداية تطويره، أثار المشروع اهتمامًا كبيرًا في أوساط صناع القرار في كلا البلدين، خاصة مع تصريح الوزير الإسباني أوسكار بوينتي في مارس الماضي الذي أكد على أهمية هذا المشروع الاستراتيجي بالنسبة لإسبانيا.
حاليًا، يواصل الفريقان الإسباني والمغربي إجراء دراسات جدوى معمقة لفحص الجوانب التقنية والاقتصادية للمشروع، بالإضافة إلى تحليل التحديات المرتبطة بتنفيذه.
و يعد مضيق جبل طارق بتضاريسه المعقدة وتياراته البحرية القوية أحد أكبر العقبات التي يواجهها المهندسون.
ومع ذلك، تم التركيز على خيار “عتبة كامارينال” الذي يقترح بناء النفق في منطقة ذات عمق أقل (300 متر)، مما يجعل عملية الحفر أسهل وأكثر أمانًا من المنطقة ذات العمق الأكبر البالغ 900 متر.
و يتضمن المشروع نفقًا يمتد على 42 كيلومترًا، يربط بين طريفة في إسبانيا ومدينة طنجة في المغرب.
و يتكون النفق من قسمين رئيسيين: 27.7 كيلومتر تحت البحر في نفق مائي و11 كيلومترًا بريًا بين طريفة ومدينة طنجة.
كما يشتمل التصميم على ثلاثة أنفاق متوازية: نفقان رئيسيان مخصصان للقطارات فائقة السرعة وقطارات الشحن، بالإضافة إلى نفق مركزي للخدمات والصيانة، لضمان أعلى معايير الأمان والسلامة.
كما تم تحديد قطر كل نفق بـ7.9 متر، مع إنشاء ممر خدمات يمتد على 6 أمتار يربط بين هذه الأنفاق. من المتوقع أن يحتوي المشروع على ممرات متقاطعة كل 340 مترًا، بالإضافة إلى مناطق أمان كل 100 متر لضمان استجابة سريعة وفعالة في حالات الطوارئ.
و بمجرد تشغيل هذا النفق، سيحدث تحولًا كبيرًا في حركة النقل بين أوروبا وإفريقيا.
و سيكون بمقدور القطارات حمل الركاب والبضائع بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط في وقت قياسي لا يتجاوز 30 دقيقة، مما يفتح آفاقًا واسعة للتبادل التجاري، ويسهم في تعزيز التعاون بين الجارتين.
في النهاية، يمثل مشروع نفق جبل طارق خطوة هائلة نحو تحقيق رؤية أكبر لربط القارتين وتعزيز التكامل بين المغرب وإسبانيا، كما سيكون له تأثير عميق على الاقتصاد والتجارة بين أوروبا وإفريقيا.