مشروع المقاول الذاتي ..من حلم تحفيز ريادة الأعمال إلى واقع يهدد النسيج الاقتصادي
بعد مضي تسع سنوات على تطبيق مشروع المقاول الذاتي، يظهر بوضوح أنه في طريقه إلى الإنحدار، برغم الآمال الكبيرة التي راهن عليها لتحسين الوضع الاقتصادي للتجار وأصحاب المشاريع الصغيرة.
و في ظل ارتفاع معدلات البطالة، يشهد السوق تراجعًا في عدد حاملي بطاقة المقاول الذاتي في المغرب.
و يعتبر خبراء أن هذا المشروع، الذي تم إطلاقه في المغرب عام 2015 بهدف تعزيز ريادة الأعمال وتقليل معدلات البطالة من خلال تسهيل إنشاء الأعمال الصغيرة وتخفيض الضرائب، قد فشل.
بين عامي 2021 و2022 فقط، سجل عدد الأعضاء الجدد انخفاضًا بنسبة تقدر بحوالي 34%.
و يعزو المحللون سبب فشل الفكرة إلى الأثر الضريبي السريع الذي لم يتم الانتظار لقياس تأثيره، حيث تم تشريعه بسرعة قبل أن يتسنى لحاملي البطاقة تقييم أثره على أعمالهم. كيف يمكن أن يتم تحديد سقف المعاملات عند 80 ألف درهم وفرض ضريبة بنسبة 30٪ على الفائض؟ يتساءل المقاولون، معتبرين ذلك قرارًا فاشلًا لا يشجع على قبول الفكرة من قبلهم.
وليس هذا هو السبب الوحيد، بل هناك أيضًا برامج “انطلاقة” و “فرصة”، حيث يشجع الممولون أصحاب المشاريع على إنشاء مشاريعهم الخاصة، لكنهم بمجرد رفض ملفاتهم يتخذون، بعد صدمة الرفض، قرار التخلي عن مشاريعهم.
ويُعَتَّب مناخ الأعمال عاملًا آخر يفسر هذا التراجع، حيث يعتمد على اقتصاد يفضل الشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم فقط، مما يؤدي إلى تقليل الفرص المتاحة لأصحاب الأعمال الصغيرة.
يرون المحللون الاقتصاديون أن فكرة المقاول الذاتي بدأت بشكل جيد، ولكن كان من الضروري زيادة معدل التداول الاقتصادي وتوسيع نطاق تطبيق الفكرة لتشجيع المواطنين النشطين والعاطلين عن العمل على الاندماج في هذا الوضع، مما يعزز العمل الحر وريادة الأعمال الذاتية.
و أدت عمليات التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد والحصول على الرقم الاستدلالي، الذي يوفر إمكانية الاستفادة من الدعم العمومي المباشر والتغطية الصحية، إلى “هروب جماعي” من مسجلي المقاولات الذاتية، حيث تخلوا مئات الآلاف من المواطنين عن مشاريعهم المسجلة في إطار عروض المقاول الذاتي، في محاولة للتماشي مع شروط السجل الموحد.
أعلنت المندوبية السامية للتخطيط عن فقدان 686 ألف شغل ذاتي منذ بداية عملية التسجيل في برامج الدعم الأسري والتغطية الصحية، في حين كانت النسبة لم تتجاوز 250 ألفًا في عام 2020، على الرغم من أنها كانت سنة حجر صحي.
يُعتبر هذا أحد الأسباب غير المباشرة التي أدت إلى تراجع واضح في حاملي بطاقة المقاول الذاتي.