مشاركة المرأة والنمو الاقتصادي: البنك الدولي يُشدّد على أهمية تمكين المرأة في رؤية المغرب 2040
كشف تقرير صادر عن مجموعة البنك الدولي عن فرص واعدة للمغرب في تحقيق تحول اقتصادي واجتماعي كبير بحلول عام 2040، مؤكدًا على قدرته في الانضمام إلى مجموعة الدول متوسطة الدخل غير المنتجة للنفط في شمال إفريقيا، بناءً على مقوماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأشار التقرير إلى أن المغرب يمتلك مزايا استثنائية يمكن أن تدعمه في تطوير اقتصاده وتعزيز رفاهية مواطنيه، خاصة في ظل استقراره السياسي وموقعه الجيوستراتيجي.
كما سلط الضوء على التحديات والفرص التي قد تواجه المملكة في مسيرتها نحو تحقيق إقلاع اقتصادي مستدام.
أوضح التقرير أن المغرب، مع تنفيذ إصلاحات شاملة، يمكنه تعزيز مكانته كدولة رائدة إقليميًا، نموذجًا للتنمية الشاملة، وضمان ازدهار اجتماعي واقتصادي مستدام للأجيال القادمة.
وبحلول 2040، يتوقع التقرير أن يكون المغرب قد استثمر في تعزيز رأس ماله الاجتماعي، من خلال تحسين المساواة بين الجنسين وزيادة مشاركة النساء في الاقتصاد.
كما سينعكس ذلك في تعزيز الثقة المجتمعية عبر تحسين سيادة القانون والمواطنة، حيث يُتوقع أن يشهد المجتمع المغربي تحديثًا ثقافيًا مع دعم التغيير نحو “مغرب أفضل” من خلال حملات توعوية مستهدفة.
وركز التقرير على ضرورة تحقيق المغرب معدل نمو اقتصادي سنوي قدره 4.5% حتى عام 2040، وهو ما يتطلب تحسين مشاركة النساء في سوق العمل. حيث يُعد معدل مشاركتهن الحالي من بين الأدنى عالميًا (23%)، ما يمثل تحديًا كبيرًا في تحقيق النمو.
و مع تطور هذه المشاركة إلى 55% بحلول 2040، سيسهم ذلك في تعزيز الإنتاجية الاقتصادية بشكل كبير.
وأشار التقرير إلى أن المغرب يمتلك فرصة فريدة في مسيرته التنموية، بفضل التحولات الديموغرافية والهيكلية، مثل زيادة القوة العاملة المنتجة بفعل انخفاض نسبة الإعالة حتى 2040.
كما ستساهم التنمية الحضرية والتطور التعليمي في تفعيل الجهوية الموسعة وتعزيز قدرات القوى العاملة.
ومع ذلك، حذر التقرير من الوقوع في “فخ البلدان متوسطة الدخل”، مشيرًا إلى ضرورة تنفيذ إصلاحات هيكلية لتحسين الإنتاجية وتعزيز النمو المستدام. كما شدد على أهمية تعزيز الابتكار عبر الاستثمار في الرأسمال غير المادي مثل التعليم والصحة والمؤسسات.
وتضمن التقرير توصيات هامة لتسريع الإصلاحات الاقتصادية، مثل تحرير الاقتصاد وتعزيز التنافسية، مع إصلاح قوانين العمل وتشجيع تشغيل الشباب والنساء، بالإضافة إلى تعزيز الابتكار ومحاربة الريع الاقتصادي لجذب الاستثمارات.
كما دعا التقرير إلى ضرورة دمج الاقتصاد المغربي في سلاسل القيمة العالمية، من خلال تبني سياسات مرنة في نظام الصرف، وتيسير التجارة، وتحرير القيود الجمركية، مع التركيز على اتفاقيات مثل التبادل الحر الشامل مع الاتحاد الأوروبي (ALECA).
ومن ضمن أولويات التقرير الاستثمار في الرأسمال البشري، حيث أوصى بتطوير التعليم في المغرب وتحقيق “المعجزة التربوية” لتحسين مستوى التعليم. كما أكد على أهمية تحسين الرعاية الصحية الأولية وتوسيع التغطية الصحية لكافة المواطنين.
وأشار التقرير أيضًا إلى أهمية تعزيز سيادة القانون من خلال تطبيق مقتضيات دستور 2011، وتطوير الإدارة العمومية لتحسين كفاءتها وتقليل البيروقراطية، ما سيساهم في خلق بيئة أكثر شفافية.
و خلص البنك الدولي إلى أنه إذا نجح المغرب في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة وتخطي التحديات، فإنه سيعزز مكانته كدولة مستقرة وقادرة على تحقيق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي، مما يجعله نموذجًا رائدًا في شمال إفريقيا.